يوم
القيامة، وينبئهم بما عملوا، ﴿إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ
شَيۡءٍ عَلِيمٌ﴾، فهذه معيةٌ عامة لجميع الخلق مؤمنهم وكافرهم.
النوع
الثاني: معية خاصة بالمؤمنين، وهي معية نصر وتأييد وحفظ وإعانة،
هذه خاصة بالمؤمنين، كما قال سبحانه في هذه الآية: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ﴾
[البقرة: 153]، هذه خاصة بالصابرين، وهي معية خاصة. أما المعية العامة فهي
مع الصابرين ومع غيرهم، وقال سبحانه: ﴿وَٱعۡلَمُوٓاْ
أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلۡمُتَّقِينَ﴾ [البقرة:
194]، وقال سبحانه لموسى وهارون عليهما السلام: ﴿قَالَ لَا تَخَافَآۖ إِنَّنِي مَعَكُمَآ أَسۡمَعُ وَأَرَىٰ﴾ [طه: 46].
ولما
طارد المشركون رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وخرج مهاجرًا إلى المدينة، اختفى هو
وأبو بكرٍ في غار ثورٍ، فخرج الكفار في طلبه، ووقفوا على الغار الذي فيه رسول الله
صلى الله عليه وسلم وصاحبُه أبو بكر، فخاف أبو بكر رضي الله عنه على رسول الله صلى
الله عليه وسلم؛ لأنه تحت أقدامهم، ما بَقِيَ شيءٌ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ لَوْ
نَظَرَ أَحَدُهُمْ إِلَى مَوْضِع قَدَمِهِ لأَبْصَرَنَا. قَالَ: «يَا أَبَا
بَكْرٍ مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا»([1]).
فأنزل الله تعالى: ﴿إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدۡ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذۡ أَخۡرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ ٱثۡنَيۡنِ إِذۡ هُمَا فِي ٱلۡغَارِ إِذۡ يَقُولُ لِصَٰحِبِهِۦ لَا تَحۡزَنۡ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَاۖ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَيۡهِ وَأَيَّدَهُۥ بِجُنُودٖ لَّمۡ تَرَوۡهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلسُّفۡلَىٰۗ وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هِيَ ٱلۡعُلۡيَاۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 40]، فانصرف المشركون ولم يبصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عند أقدامهم، أعمى الله أبصارهم ولم يروه؛ لأن الله معه سبحانه وتعالى.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3653)، ومسلم رقم (2381).