×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

﴿لَا تَحۡزَنۡ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَاۖ، «مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا»، ﴿إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّٱلَّذِينَ هُم مُّحۡسِنُونَ [النحل: 128]، فاللهُ مع عباده المؤمنين معية خاصة، معية نصر وتأييد وحماية وحفظ، وهو مع جميع الخلق معية إحاطة وعلم وإحصاء لأعمالهم: خيرِها وشرِّها، ﴿إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ [البقرة: 153].

ثم قال سبحانه وتعالى: ﴿وَلَا تَقُولُواْ لِمَن يُقۡتَلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمۡوَٰتُۢۚ [البقرة: 154]، هذا مِنَ المصائب، القتل هذا مِنَ المصائب، هذه بداية المصائب، القتل للمسلمين في الجهاد في سبيل الله هذه مصيبةٌ تحتاج إلى صبرٍ واحتساب، الله جل وعلا طمأن المؤمنين على هؤلاء القتلى الذين قُتِلوا في سبيل الله، طمأنهم أن هؤلاء ليسوا أمواتًا، هؤلاء أحياء.

﴿وَلَا تَقُولُواْ لِمَن يُقۡتَلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمۡوَٰتُۢۚ بَلۡ أَحۡيَآءٞ [البقرة: 154]، هؤلاء هم الشهداء في سبيل الله، الذين قُتِلُوا لإعلاء كلمة الله، هؤلاء شهداء، وهؤلاء وإن ماتوا في الدنيا وفارقت أرواحهم أجسادهم، إلا أنهم في الآخرة أحياءٌ، في القبر في البرزخ أحياء، أحياء حياةً برزخية لا يعلمها إلا الله، ما هي مثل حياتهم في الدنيا؛ ولهذا قال: ﴿وَلَٰكِن لَّا تَشۡعُرُونَ [البقرة: 154].

فأنت لو وقفت على الشهيدِ المقتول؛ لرأيته ميتًا لا يتحرك، وليس عنده إدراكٌ، بينما هو حيٌّ عند الله سبحانه وتعالى، ﴿أَحۡيَآءٞ وَلَٰكِن لَّا تَشۡعُرُونَ [البقرة: 154]، يعني: بحياتهم، أنتم لو رأيتموهم رأيتموهم أمواتًا، في صورة أموات وفارقت أرواحهم أجسادَهُم، واستعدت نساؤهم عدة الوفاة، وفُرِّقت مواريثهم. هذا في الدنيا، لكنهم في الآخرة أحياء عند الله سبحانه وتعالى.


الشرح