يونس
عليه السلام لما التقمه الحوتُ ووقع في بطن الحوت وفي الظلمات، قال الله سبحانه: ﴿فَلَوۡلَآ أَنَّهُۥ كَانَ مِنَ ٱلۡمُسَبِّحِينَ ١٤٣ لَلَبِثَ فِي بَطۡنِهِۦٓ إِلَىٰ يَوۡمِ يُبۡعَثُونَ ١٤٤﴾ [الصافات: 143- 144] ﴿فَلَوۡلَآ أَنَّهُۥ كَانَ مِنَ ٱلۡمُسَبِّحِينَ﴾،
يعني: مِنَ المحافظين على الصلاة، فأنقذه الله بذلك مِنْ بطن الحوت، ﴿فَلَوۡلَآ أَنَّهُۥ كَانَ مِنَ ٱلۡمُسَبِّحِينَ ١٤٣ لَلَبِثَ فِي بَطۡنِهِۦٓ إِلَىٰ يَوۡمِ يُبۡعَثُونَ ١٤٤﴾ [الصافات: 143- 144] وقال صلى الله
عليه وسلم: «تَعَرَّفْ إِلَى اللهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ»([1])
«
الصلاة » قيل: المراد بها الدعاءُ؛ أي: استعينوا بالدعاء، فإذا
وقعتَ في كربةٍ وفي ضيقٍ وفي شدةٍ فادعُ اللهَ عز وجل، وقيل: المراد بها الصلاة
المعروفةُ ذاتُ الركوع والسجود. وهذا أصحُّ؛ لأن هذا يشتمل على الدعاء، الصلاة
فيها الدعاء وفيها الركوعُ والسجود والتذلل بين يدي الله سبحانه وتعالى.
ثم
قال سبحانه: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ﴾
[البقرة: 153]، هذا وعدٌ مِنَ الله سبحانه وتعالى بأنه يكون مع الصابرين، بأنه
ينصرهم ويؤيدهم ويعينهم ويحميهم ويحفظهم، فهذه معيةٌ خاصةٌ؛ لأن معيةَ الله للخلق
على قسمين:
معية عامة لجميع المخلوقات، وهي معية الإحاطة والعلم، فهو مع جميع خلقه بعلمه وإحاطته، معهم يشاهدهم ويراهم سبحانه، ويحصي عليهم أعمالهم ولا يخفون عليه، فهو مع المؤمنين ومع الكفار، ومع جميع الخلق، معهم بعلمه وإحاطته وإحصائه لأعمالهم؛ لا يخفَى عليه شيءٌ؛ ﴿أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۖ مَا يَكُونُ مِن نَّجۡوَىٰ ثَلَٰثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمۡ وَلَا خَمۡسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمۡ وَلَآ أَدۡنَىٰ مِن ذَٰلِكَ وَلَآ أَكۡثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمۡ أَيۡنَ مَا كَانُواْۖ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُواْ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٌ﴾ [المجادلة: 7]. هذه معية علم، يحصي عليهم أعمالهم ثم يحاسبهم عليها
([1]) أخرجه: أحمد رقم (2803)، والحاكم رقم (6304)، والطبراني في الكبير رقم (11243).