×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

لأنهم لم يصلوا الصلاة المطلوبة، وهي الوقوف بين يدي الله تعالى بخشوع، قال تعالى: ﴿وَٱسۡتَعِينُواْ بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى ٱلۡخَٰشِعِينَ ٤٥ ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَٰقُواْ رَبِّهِمۡ وَأَنَّهُمۡ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ ٤٦ [البقرة: 45، 46]. فالصلاةُ التي يستعان بها الصلاةُ التي فيها خشوعٌ بين يدي الله سبحانه وتعالى.

ونظير هذه الآيةِ في القرآن كثيرٌ، قال تعالى: ﴿فَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ قَبۡلَ طُلُوعِ ٱلشَّمۡسِ وَقَبۡلَ غُرُوبِهَاۖ وَمِنۡ ءَانَآيِٕ ٱلَّيۡلِ فَسَبِّحۡ وَأَطۡرَافَ ٱلنَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرۡضَىٰ [طه: 130]، فالتسبيح هنا المراد به الصلاة ﴿وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ قَبۡلَ طُلُوعِ ٱلشَّمۡسِ: هذه صلاة الفجر، ﴿وَقَبۡلَ غُرُوبِهَاۖ هذه صلاة العصر﴿وَمِنۡ ءَانَآيِٕ ٱلَّيۡلِ فَسَبِّحۡ صلاة المغرب والعشاء والفجر، وما يتبع ذلك مِنَ النوافل؛ نوافل الصلاة وقيام الليل والتهجد.

وقال سبحانه: ﴿فَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ قَبۡلَ طُلُوعِ ٱلشَّمۡسِ وَقَبۡلَ ٱلۡغُرُوبِ ٣٩ وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَسَبِّحۡهُ وَأَدۡبَٰرَ ٱلسُّجُودِ ٤٠ [ق: 39، 40]، قرن الصلاة مع الصبر للاستعانة على أذى الكفار، ﴿نَّحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا يَقُولُونَۖ [ق: 45]، يعني: الكفار الذين ضايقوا الرسول صلى الله عليه وسلم.

أمره اللهُ بالاستعانة بالصبر والاستعانة بالصلاة، ﴿فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ [الحجر: 98]، يعني: صلِّ، قال سبحانه: ﴿وَلَقَدۡ نَعۡلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدۡرُكَ بِمَا يَقُولُونَ ٩٧ فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ ٱلسَّٰجِدِينَ ٩٨ وَٱعۡبُدۡ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأۡتِيَكَ ٱلۡيَقِينُ ٩٩ [الحجر: 97- 99]، هذا يستعان به على المشاق، ﴿فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ ٱلسَّٰجِدِينَ، يعني: بالصلاة في المواقف الصعبة.

فلا شك أن مَنْ حافظ على الصلوات؛ أن الله سبحانه وتعالى يفرِّج همومه ويكشف غمومه، وإذا وقع في شدة فإن الله يفرِّج همه. 


الشرح