×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

التي قُتلوا فيها، هذا حكمُهم مِنْ ناحية أحكام الجنائز، ﴿بَلۡ أَحۡيَآءٞ وَلَٰكِن لَّا تَشۡعُرُونَ [البقرة: 154]، يعني: لا تحسون بحياتهم؛ لأنها حياةٌ مِنْ علم الغيب، الذي لا يعلمه إلا اللهُ سبحانه وتعالى.

هناك شهداء أخبر عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم غير الذين قُتِلوا في المعركة، شهداء ينالون أجر الشهادة وهم في غير الجهاد في سبيل الله، منهم موتُ الفجأة، المؤمن إذا مات فجأةً: أصابه حريق، أصابه غرقٌ، أصابه هدم، أصابه طاعونٌ أو أصابه وباء، أو المرأة تموت في ولادتها، هؤلاء شهداء في الآخرة. أما في الدنيا فإنهم كسائر الأموات يُغَسَّلون ويُكفَّنون ويُصلى عليهم، فحكمهم في الدنيا حكم الجنائز، لكن في الآخرة حكمهم حكم الشهداء، ولهذا قال العلماء: هؤلاء شهداء في الآخرة.

أما مَنْ قُتل في سبيل الله فهو شهيد في الدنيا وفي الآخرة، في الدنيا لا يُغَسل ولا يُكفن ولا يُصلى عليه، وفي الآخرة ينال كرامة الله جل وعلا، وجاء في الحديث الصحيح: إن أرواح الشهداء تكون في أجواف طير، تأوي إلى قناديل معلقة تحت العرش، ثم تسرح وتشرب وتأكل مِنْ أنهار الجنة، ومِنْ ثمار الجنة، وتأوي إلى هذه القناديل المعلقة، تأوي إليها إذا أكلت وشربت. هذه حالتهم في البرزخ إلى أن يبعثهم الله سبحانه وتعالى في يوم القيامة([1]).

حياتهم حياة كرامة؛ لمَّا بذلوا أجسامهم في سبيل الله؛ عوَّضهم الله بأجواف طيرٍ تكون فيها أرواحهم تسرح وتأكل وتشرب من الجنة، وتأوي إلى قناديل تحت العرش، هذه منازلهم في البرزخ، هذه حالة الشهداء في سبيل الله عز وجل.


الشرح

([1]) أخرجه: أحمد رقم (2388)، وأبو داود رقم (2520)، والحاكم رقم (2444).