﴿وَلَا تَقُولُواْ لِمَن يُقۡتَلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ﴾ [البقرة: 154]، انظر هذا الشرط: ﴿يُقۡتَلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ﴾يعني: يكون قصده إعلاءَ كلمة الله. أما إن كان دخل
المعركة ولم يقصد إعلاء كلمة الله، وإنما كان يقصد الحمِيَّة، أو يقصد المال
والغنيمة؛ فهذا لا يكون كذلك.
ولهذا
سُئِل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يُقَاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل
مِنْ أجل المغنم، أيُّ ذلك في سبيل الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ
قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُلْيَا، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ»([1])،
وفي هذه الآية يقول: ﴿وَلَا تَقُولُواْ لِمَن
يُقۡتَلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ﴾
[البقرة: 154]، في سبيل الله بهذا الشرط، أن يكونَ قصدُهُ إعلاءَ كلمة الله
سبحانه وتعالى ونصرةَ الإسلام، هذا هو الشهيد.
ثم قال سبحانه: ﴿وَلَنَبۡلُوَنَّكُم بِشَيۡءٖ مِّنَ ٱلۡخَوۡفِ وَٱلۡجُوعِ وَنَقۡصٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡوَٰلِ وَٱلۡأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَٰتِۗ﴾ [البقرة: 155]، ﴿وَلَنَبۡلُوَنَّكُم﴾: الابتلاء معناه: الاختبار، أي: لنختبرنَّكم ليتبين الصادق مِنْ غير الصادق، فالابتلاءُ هو الذي يبين، يبين الصادق المؤمن مِنَ المنافق ومِنَ الجَزِع، عند الابتلاء يتبين الناس، ﴿بِشَيۡءٖ﴾، يعني: ولو قليلاً، ما قال: ولنبلونكم بالخوف والجوع؛ لأن الناس لا يطيقون الخوف كلَّه، ولا يطيقون الجوع كلَّه، وإنما بشيءٍ من الخوف وشيءٍ مِنَ الجوع. ﴿وَلَنَبۡلُوَنَّكُم بِشَيۡءٖ مِّنَ ٱلۡخَوۡفِ﴾ [البقرة: 155] والخوف: ضد الأمن؛ الخوف مِنَ العدو، الخوف من القتل ومن السلب والنهب، وتسلط الأعداء والكفار على المسلمين، هذا مِنْ باب الابتلاء والامتحان،
([1]) أخرجه: البخاري رقم (123)، ومسلم رقم (1904).