×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

قالوا: ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ [البقرة: 156]، يصبرون على هذا، ﴿ف وَبَشِّرِ ٱلصَّٰبِرِينَ [البقرة: 155]: يجمعون بين الصبر وبين الكلام الطيب.

﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ [البقرة: 156] ﴿إِنَّا لِلَّهِ: مِلكًا وعبيدًا يتصرف فينا سبحانه كيف يشاء، يتصرف في مماليكه وعبيده كيف يشاء سبحانه، ولا اعتراض عليه سبحانه: ﴿إِنَّا لِلَّهِملك لله سبحانه وتعالى، ولسنا ملكًا لأنفسنا، وليست هذه الأموال ملكًا لنا، وإنما هي ملك لله سبحانه وتعالى وهي بأيدينا.

﴿إِنَّا لِلَّهِ: فلا نجزع إذا أصابنا شيءٌ؛ لأننا لله سبحانه وتعالى، وهذا الأمر لله جل وعلا، ﴿وَإِنَّآ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ [البقرة: 156] يوم القيامة، راجعون إليه، ومصيرنا إليه سبحانه بعد البعث، فمردُّنا إليه، فنحن في هذه الدنيا ملكه وعبيده وتحت تصرفه وقهره، وبعد الموت نرجع إليه سبحانه فيجازينا بأعمالنا، فمردنا إليه سبحانه وهو أكرم الأكرمين، وهو يعوضنا عما فاتنا في هذه الدنيا خيرًا منه في الآخرة.

ولهذا لما هدَّد فرعون السحرة الذين تابوا إلى الله، وسجدوا لله جل وعلا، وتوعدهم بأقصى الوعيد وهو القتل والصلب، قالوا: ﴿لَن نُّؤۡثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَآءَنَا مِنَ ٱلۡبَيِّنَٰتِ وَٱلَّذِي فَطَرَنَاۖ فَٱقۡضِ مَآ أَنتَ قَاضٍۖ إِنَّمَا تَقۡضِي هَٰذِهِ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَآ ٧٢ إِنَّآ ءَامَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغۡفِرَ لَنَا خَطَٰيَٰنَا وَمَآ أَكۡرَهۡتَنَا عَلَيۡهِ مِنَ ٱلسِّحۡرِۗ وَٱللَّهُ خَيۡرٞ وَأَبۡقَىٰٓ ٧٣ [طه: 72، 73]، ما أرهبهم بالموت والقتل؛ لأنهم يعلمون أنهم صائرون إلى الله!! فهو إن قتلهم فأين يذهبون؟ يذهبون إلى الله تعالى، والموت لا بد منه، سواءٌ تركهم أو قتلهم، لا بد مِنَ الموت، لكن العبرةَ بالمصير إلى أين؟ إلى الله سبحانه وتعالى.


الشرح