×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

الله جل وعلا يقول: ﴿ۗ إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّٰبِرُونَ أَجۡرَهُم بِغَيۡرِ حِسَابٖ [الزمر: 10]، هذا دليل على فضيلة الصبر، وأن ثوابَ الصبرِ ليس له عدٌّ ولا مقدار، بل هو كثير لا يحصى، بينما الحسنات الأخرى الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعفٍ إلى أضعافٍ كثيرة، ولكن الصبرَ لا يحدد أجره؛ ﴿ۗ إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّٰبِرُونَ أَجۡرَهُم بِغَيۡرِ حِسَابٖ، قال تعالى: ﴿وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٖ [فصلت: 35].

فالصبر أمره عظيمٌ، ومَنْ رُزِقَ الصبر فإنه رُزِقَ الخير كله، ومَنْ لم يكن عنده صبرٌ فإنه لا يكون عنده دينٌ. الصبرُ مع اليقينِ بهما تُنال الإمامةُ في الدين، قال تعالى: ﴿وَجَعَلۡنَا مِنۡهُمۡ أَئِمَّةٗ يَهۡدُونَ بِأَمۡرِنَا لَمَّا صَبَرُواْۖ وَكَانُواْ بِ‍َٔايَٰتِنَا يُوقِنُونَ [السجدة: 24]، قال يوسف عليه السلام: ﴿إِنَّهُۥ مَن يَتَّقِ وَيَصۡبِرۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ [يوسف: 90].

يوسف عليه السلام تعرض لابتلاءاتٍ عظيمةٍ لكنه صبر، وفي النهاية أكرمه الله سبحانه وتعالى في الدنيا والآخرة نتيجة الصبر، ﴿قَالُوٓاْ أَءِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُۖ قَالَ أَنَا۠ يُوسُفُ وَهَٰذَآ أَخِيۖ قَدۡ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيۡنَآۖ إِنَّهُۥ مَن يَتَّقِ وَيَصۡبِرۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ [يوسف: 90]، هم أَلْقَوْهُ في البئر ليتخلصوا منه وظنوا أنه هلك، بينما لطف الله جل وعلا به، وأُخرج مِنَ البئر وبيع مملوكًا إلى رجلٍ مِنْ أهل مصر، وهذا الرجل أحسن إليه وربَّاه، ثم تعرض للفتنة وصبر ونجا منها، ثم في آخر الأمر صار عزيزًا على مصرَ عنده خزائنُ الأرض.

جاءه إخوتُهُ فدخلوا عليه على أنه عزيزُ مصرَ، يريدون منه أن يبيع لهم مِنَ الطعام الذي في الخزائن، وما عَرَفوا أنه أخوهم وأنه يوسف، دخلوا عليه فعَرَفهم وهم له منكرون، ما علموا أنه وصل إلى هذا المكانِ، لكنْ بماذا وصل إلى هذا المكان؟ بالصبر.


الشرح