مَنِ المراد بـ ﴿ٱللَّٰعِنُونَ﴾؟ قيل: المراد بهم جميعُ الخلق ما
عدا الجنَّ والإنس؛ فجميع الخلق يلعنونهم ما عدا الجن والإنس، وقيل: المراد بذلك
دوابُّ الأرض مِنَ البهائم والحشرات؛ فإنها تلعن مَنْ يكتم العلم؛ لأنه إذا كتم
العلم وقع الناسُ في الذنوب والمعاصي، وإذا وقعت الذنوب والمعاصي حبس الله المطر
والأرزاق فماتت الحيوانات، وماتت البهائم والحشرات، فهي تلعن مَنْ كتم العلم.
وقد
جاء في الأثر: إن الحبارى تموت في وكرها وهي تقول: لعنة الله
على عصاة بني آدم؛ حُرِمْنا المطر بسببهم. فتلعنهم دوابُّ الأرض - والعياذ بالله -
هؤلاء الذين يكتمون العلم تلعنهم دواب الأرض؛ لأنهم تسببوا في حرمانها مِنَ الرزق،
وبسبب أفعالهم مُنِع المطرُ الذي به حياة هذه المخلوقات.
وعلى
العكس دواب الأرض والحيتان في البحر تستغفر لمعلِّم الناس الخيرَ؛ لأنه ينتشر
الخير وينتشر الأرزاق والأمطار بنشر العلم الذي أنزله الله سبحانه وتعالى، وتحصل
الخيرات، فالعالم يستغفر له كل شيء حتى الحيتان في البحر.
ثم
قال جل وعلا: ﴿إِلَّا
ٱلَّذِينَ تَابُواْ وَأَصۡلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَٰٓئِكَ أَتُوبُ عَلَيۡهِمۡ﴾
[البقرة: 160]، الذين كانوا يكتمون العلم ثم تابوا وأظهروا ما كتموه فالله يتوب
عليهم، وهذا فضلٌ منه سبحانه وتعالى؛ أنه يتوب على التائبين، ﴿إِلَّا ٱلَّذِينَ تَابُواْ﴾، يعني:
رجعوا عن الكتمان إلى نشر العلم، رجعوا عن المعاصي إلى الطاعات، هذه هي التوبة.
التوبةُ معناها الرجوعُ مِنَ الشر إلى الخير، ﴿إِلَّا ٱلَّذِينَ تَابُواْ﴾، يعني: رجعوا مِنْ كتمان العلم، ولا يكفي أنهم تابوا، بل لا بد مع التوبة