×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

ولم يتوبوا إلى الله عز وجل﴿أُوْلَٰٓئِكَ عَلَيۡهِمۡ لَعۡنَةُ ٱللَّهِ [البقرة: 161]، واللعنة من الله طردُهُ للعبد من رحمته وإبعاده، فمَنْ لعنه الله فقد طرده وأبعده عن رحمته، فالذي مات على الكفر فقد طرده الله مِنْ رحمته، لا طمع له في الرحمة، ولا طمع له في المغفرة؛ مَنْ مات على الكفر أو مات على الشرك فإن الله قد طرده مِنْ رحمته، وأبعده عن جنته، ﴿إِنَّهُۥ مَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدۡ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ ٱلۡجَنَّةَ وَمَأۡوَىٰهُ ٱلنَّارُۖ وَمَا لِلظَّٰلِمِينَ مِنۡ أَنصَارٖ [المائدة: 72].

﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمۡ كُفَّارٌ [البقرة: 161] هذا فيه دليلٌ على أنهم لو تابوا قبل الموت مِنَ الكفر تاب الله عليهم. أما إذا استمروا وماتوا على الكفر فـ ﴿أُوْلَٰٓئِكَ عَلَيۡهِمۡ لَعۡنَةُ ٱللَّهِ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ [البقرة: 161]، أي: ولعنة الملائكة، ﴿وَٱلنَّاسِ أَجۡمَعِينَ [البقرة: 161]: يلعنهم كلُّ مخلوقٍ، تلعنهم الملائكة ويلعنهم الخلقُ، حتى الكفار يوم القيامة يلعن بعضُهم بعضًا؛ ﴿كُلَّمَا دَخَلَتۡ أُمَّةٞ لَّعَنَتۡ أُخۡتَهَاۖ [الأعراف: 38].

الكفار إذا دخلوا النار أفواجًا؛ فكل فوجٍ وكل طائفةٍ تلعن أختها وتقول: أنتم السبب في إغوائنا، وأنتم السبب في كفرنا وشركنا، وأنتم الذين جررتمونا إلى النار، دعوتمونا إلى الشرك؛ فعليكم لعنة الله بما كنتم تعملون.

﴿كُلَّمَا دَخَلَتۡ أُمَّةٞ لَّعَنَتۡ أُخۡتَهَاۖكما قال إبراهيم: ﴿إِنَّمَا ٱتَّخَذۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡثَٰنٗا مَّوَدَّةَ بَيۡنِكُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ ثُمَّ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَكۡفُرُ بَعۡضُكُم بِبَعۡضٖ وَيَلۡعَنُ بَعۡضُكُم بَعۡضٗا وَمَأۡوَىٰكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّٰصِرِينَ [العنكبوت: 25].


الشرح