فجاءت
أمُّ إسماعيل إلى الماء وهو ينبع عند إسماعيل، ففرحت بذلك واطمأنت وشربت وسقت
طفلها، وبينما هي كذلك - هي والطفل عند الماء - وسَّع الله عليهما إذا هم بقبيلة
جُرْهُم جاءت على عادة البدو يلتمسون الرعي، فرأوا الطيور حول مكان الكعبة، قالوا:
إن هذه الطيور عندها ماء، وما عهدنا في هذا المكان ماءً.
فجاءوا
فوجدوا الماء ووجدوا عنده إسماعيل وأمه، فاستأذنوها في أن ينزلوا عندها، هذا
الفَرَج الثاني، بعد أن كانت وحدها جاءها الجيران، استأذنوها أن ينزلوا عندها،
فأذنت لهم أن ينزلوا عندها واستأنست بهم، وقالت لهم: ليس لكم مِنَ الماء شيءٌ؟
قالوا: نعم. فنزلوا عندها.
نبع
الماءُ وجاء الجيران عندها، هذا فرج الله سبحانه وتعالى، وهذا هو أصل السعي بين
الصفا والمروة، جعله اللهُ شريعةً لعباده، فكما أن أم إسماعيل سَعَت بين الصفا
والمروة تسأل الله وتطلب منه الفرج مِنَ هذا الضيق؛ فالمسلم يسعى بين الصفا
والمروة يطلب مِنَ الله المغفرة، ويطلب مِنَ الله الرزق، ويطلب مِنَ الله كل خير.
هذا
هو أصل السعي بين الصفا والمروة استمر عبادةً لله عز وجل. والمراد منه: طلب
المغفرة مِنَ الله، وطلب الرزق مِنَ الله، وطلب الجنة مِنَ الله، كما أن أم
إسماعيل طلبت مِنَ الله الفرج ففرَّج عنها ورزقها.
وقوله: ﴿فَمَنۡ حَجَّ ٱلۡبَيۡتَ أَوِ ٱعۡتَمَرَ﴾ [البقرة: 158]، هذا دليلٌ على أن السعي خاصٌّ بالحج والعمرة، فليس فيه سعيُ تطوع وإنما هو سعي الحج والعمرة فقط، خلاف الطواف بالبيت. الطواف بالبيت، للإنسان أن يطوفَ ولو لم يكن حاجًّا أو معتمرًا، الطواف بالبيت عبادة مستقلة.