فللإنسان
أن يطوف ولو لم يكن حاجًّا أو معتمرًا. وأما السعيُ فإنه لا يُشرع إلا للحاج
والمعتمر، وليس فيه تطوعٌ كما في الطواف؛ لأن الله خصه بالحج والعمرة، فقال: ﴿فَمَنۡ حَجَّ ٱلۡبَيۡتَ أَوِ ٱعۡتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡهِ أَن
يَطَّوَّفَ بِهِمَاۚ﴾ [البقرة: 158].
ثم
قال سبحانه: ﴿وَمَن تَطَوَّعَ خَيۡرٗا
فَإِنَّ ٱللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة:
158]، التطوع بالعبادات في هذا المكان مِنْ صلاةٍ واعتكافٍ وذكرٍ لله عز وجل؛ فإن
الله سبحانه وتعالى يشكر له ذلك؛ هذا فيه الترغيب في فعل الطاعات في هذا المسجد
الحرام، وهذه البقاع الشريفة المباركة، قال صلى الله عليه وسلم: «صَلاَةٌ فِي
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ
الْمَسَاجِدِ»([1]).
الأعمال
في هذا المسجدِ وهذا الحرمِ مضاعفةٌ، يضاعفها الله، وهذا معنى قوله: ﴿شَاكِرٌ﴾ [البقرة: 158] الله جل وعلا شاكر
وشكور، بمعنى: أنه يعطي الثواب الكثير على العمل القليل؛ شكرًا منه سبحانه وتعالى
لعبده، والله يضاعف الحسنة بعشر أمثالها، قال تعالى: «بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرُ
حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ»([2]).
هذه الزيادة التي مِنْ عند الله، هذه شكر مِنَ الله جل وعلا لعبده إذا أطاعه واتقاه؛ فإن الله يشكر له ذلك، ويثيبه الثواب الجزيل، ﴿شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 158] عليم يعلم أعمالكم فلا تخافوا أن تضيع مهما كانت: ظاهرةً أو خفية، قليلة أو كثيرة، لا تخافوا أنها تخفى على الله جل وعلا، وأن الله يضيعها أبدًا، الله يحفظها ويضاعفها، وهو عليم سبحانه لا يخفى عليه شيءٌ مِنْ أعمالكم فلا تخافوا عليها، بل اطمئنوا أن أعمالكم محفوظةٌ
([1]) أخرجه: أحمد رقم (14694)، وابن ماجه رقم (1406)، والبيهقي في الشعب رقم (3848).