×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

 عنده، وأن الله يضاعف لكم أجرها وثوابها؛ فضلاً منه وإحسانًا وشكرًا منه لعباده.

ويؤخذ من هذا: مشروعية الشكر، فالعبد ما دام أن الله تعالى شاكر وشكور، فكذلك العبد يجب عليه أن يشكر الله عز وجل، أن يشكر نعمة الله عليه فيتقرب إليه بالعبادات والطاعات، فإذا شكر العبدُ ربَّه شكر الله له ذلك؛ لأن الجزاء مِنْ جنس العمل، وكذلك يشكر للناس معروفهم، مَنْ لم يشكرِ الناسَ لم يشكر الله.

فالعبد يكون شاكرًا أيضًا، شاكرًا الفضلَ لأهله، شاكرًا الله على فضله، ويشكر للعباد على إحسانهم إليه، يشكر لهم ذلك، ﴿وَمَن تَطَوَّعَ خَيۡرٗا فَإِنَّ ٱللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ [البقرة: 158]، وكلمة: ﴿خَيۡرٗا عامة تشمل جميع أنواع الطاعات؛ مِنْ طوافٍ بالبيت، وصلاةٍ عنده، واعتكافٍ عنده، وذكرٍ لله سبحانه وصدقةٍ وغير ذلك، هذا مِنَ التطوع بالخير في هذا المكان المعظم وهذا الحرم الشريف.

وقيل: المراد من ﴿تَطَوَّعَ خَيۡرٗا [البقرة: 158]، يعني: تطوع بالحج والعمرة زيادةً على الفريضة. والآية عامة تشمل التطوعَ بالحج، والتطوع بالعمرة، والتطوع بسائر العبادات؛ لأن الله لم يحدِّد، بل قال: ﴿وَمَن تَطَوَّعَ خَيۡرٗا فَإِنَّ ٱللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ [البقرة: 158]، فهذا عام، يشمل جميع أنواع الخير والعبادات.

ثم قال سبحانه: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكۡتُمُونَ مَآ أَنزَلۡنَا مِنَ ٱلۡبَيِّنَٰتِ وَٱلۡهُدَىٰ [البقرة: 159]، هذا وعيد شديد - والعياذ بالله - ﴿يَكۡتُمُونَ يعني: يخفون ما أنزل الله مِنَ البينات والدلالات الواضحة على عبادة الله سبحانه وتعالى، الدلالات على عظمة الله جل وعلا، ﴿وَٱلۡهُدَىٰ: العلم، المراد


الشرح