×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

وريح شديدة، وريح هادئة، مَنِ الذي يصرفها؟ مَنِ الذي يصرف هذه الرياح؟ تصريف الرياح هذا فيه آية مِنْ آيات الله سبحانه وتعالى.

ثم قال: ﴿وَٱلسَّحَابِ ٱلۡمُسَخَّرِ [البقرة: 164]، السحاب هو: المزن، وهذا المزن تثيره الرياح، ثم تسوقه ثم تجمعه، ثم تلقحه بالماء بأمر الله سبحانه وتعالى، ثم تسوقه إلى الأرض التي يريد الله إنزال الماء فيها، فتُنزل الماء في الأرض التي ساقها الله إليها. مَنْ هو الذي ينظم هذا السحاب؟ السحاب رقيق مثل الدخان، ومع هذا يحمل بحارًا مِنَ الماء، بحارًا مِنَ الماء يحملها هذا السحاب الرقيق، ولا يسقط إلا بأمر الله سبحانه وتعالى.

العجيب أن هذا السحاب الرقيق يمسك هذا الماء الغزير، فإذا أمره الله أمطر وإذا أمره الله أمسك، مَنْ هو الذي يدبر هذا التدبير؟ ولماذا السحاب يمطر على جهة، ويمسك عن جهة، مع أنه يمر مِنْ فوقها، يمر مِنْ فوق جهة محملاً بالماء ولا يسقط منه نقطة؟ لأن الله منعه، يمر على الجهة المأمور بها فيرسل عليها الماء، وهو لا يصب الماء صبًّا، بل يصب الماء وَدْقًا، ﴿فَتَرَى ٱلۡوَدۡقَ يَخۡرُجُ مِنۡ خِلَٰلِهِۦ [النور: 43] حبات مِنَ المطر؛ لأنه لو صبه صبًّا على الأرض أغرقها وأفسدها، فهو يجعله قطرات على قدر حاجة الأرض. مَنِ الذي وزَّعه هذا التوزيع؟ ومَنِ الذي ساقه؟ ﴿ٱللَّهُ ٱلَّذِي يُرۡسِلُ ٱلرِّيَٰحَ فَتُثِيرُ سَحَابٗا فَيَبۡسُطُهُۥ فِي ٱلسَّمَآءِ كَيۡفَ يَشَآءُ وَيَجۡعَلُهُۥ كِسَفٗا فَتَرَى ٱلۡوَدۡقَ يَخۡرُجُ مِنۡ خِلَٰلِهِۦۖ [الروم: 48]، وسُمّي السحاب مِنَ السحب؛ لأنه ينسحب ويسير، مَنِ الذي يسيره؟ الله عز وجل.

﴿وَٱلسَّحَابِ ٱلۡمُسَخَّرِ [البقرة: 164]، مسخر، مَنِ الذي سخره؟ سخره الله ليتجمع، وسخره ليحمل المطر ويمسكه، وسخره ليمشي إلى الأرض التي أمر بها؟ الله تعالى.


الشرح