وقوله:
﴿ٱلرَّحۡمَٰنُ ٱلرَّحِيمُ﴾ [البقرة:
163]، هذا فيه إثباتُ توحيد الأسماء والصفات، ﴿ٱلرَّحۡمَٰنُ ٱلرَّحِيمُ﴾اسمان مِنْ
أسماء الله يتضمنان صفةً مِنْ صفاته وهي الرحمة، وهكذا سائرُ الآيات التي فيها
أسماءُ الله عز وجل وصفاتُهُ.
وفي
قوله تعالى: ﴿إِنَّ فِي خَلۡقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ
وَٱلۡأَرۡضِ﴾ [البقرة:
164] إلى آخر الآية، هذا فيه توحيدُ الربوبية، وهي أفعال الله سبحانه وتعالى،
فهاتان الآيتان تضمنتا التوحيد بأنواعه الثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية،
وتوحيد الأسماء والصفات.
وقوله
سبحانه: ﴿وَإِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ
وَٰحِدٞۖ لَّآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ﴾ [البقرة:
163] ﴿وَإِلَٰهُكُمۡ﴾الخطاب
لِمَنْ؟ الخطاب لبني آدم جميعًا، إلهكم أيها الناس، إلهكم أيها الخلق - أي:
معبودكم - إلهكم يعني الذي يستحق منكم العبادة؛ ﴿إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۖ﴾ [البقرة: 163] ليس له شريك سبحانه
وتعالى.
فالعبادةُ
حق لله عز وجل لا يجوز أن يشرك معه فيها أحد، لا مَلَكٌ مقرَّب ولا نبي مرسل ولا
وليٌّ مِنَ الأولياء ولا صالحٌ مِنَ الصالحين. العبادة حق لله وَحْدَهُ، كما قال
صلى الله عليه وسلم في حديث معاذ بن جبل، قال: «يَا مُعَاذُ، أَتَدْرِي مَا
حَقُّ اللَّهِ عَلَى العِبَادِ؟»، قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ،
قَالَ: «حَقُّ اللَّهِ عَلَى العِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ
شَيْئًا»([1]).
هذا هو حق الله على العباد: أن يعبدوه، ولا يكفي أنهم يعبدونه بل لا يشركون به شيئًا؛ لأن العبادة إذا خالطها الشركُ لا تكون صحيحة. العبادةُ لا تكون صحيحةً، إلا إذا كانت خالصةً مِنَ الشرك، خالصةً لوجه الله سبحانه وتعالى.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2856)، ومسلم رقم (30).