×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

«حَقُّ اللَّهِ عَلَى العِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا»، وهذا هو الذي خلقهم مِنْ أجله؛ ﴿وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ [الذاريات: 56]، ﴿وَإِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۖ [البقرة: 163] إلهكم: مبتدأ و ﴿إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۖخبر، فمعنى ﴿وَإِلَٰهُكُمۡأي: الذي يستحق عليكم العبادة هو إله واحد، وليسوا آلهة متعددة كما يظنه المشركون.

فهذا فيه رد على المشركين مِنْ قديم الزمان إلى أن تقومَ الساعة، هذه الآيةُ رد عليهم: أن الألوهية حق لله، إله واحد ليس هناك آلهةٌ متعددة، الآلهة الأخرى باطلة، هناك معبودات كثيرة لكنها كلها باطلة إلا عبادة الله عز وجل، كما قال سبحانه: ﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ هُوَ ٱلۡبَٰطِلُ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡكَبِيرُ [الحج: 62].

فجميعُ المعبودات التي تُعبد مِنْ دون الله كلُّها باطلة وليس لها مِنَ الألوهية شيءٌ، فمَنْ عبدها فإنه يعبد غير الله عز وجل، يعبد الباطل، وعبادته باطلة وشركٌ بالله عز وجل.

ثم أكد ذلك بقوله: ﴿لَّآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ [البقرة: 163]، وقوله: ﴿لَّآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ تأكيد لقوله: ﴿وَإِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۖ [البقرة: 163] هذه الكلمة عظيمةٌ، كلمة التوحيد كلمة الإخلاص، العروة الوثقى: ﴿لَّآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ [البقرة: 163]، لا إله إلا الله. هذه الكلمة كلمة الإخلاص وهي تتضمن نفيًا وإثباتًا، «لا إله» هذا نفي لجميع الآلهة، «إلا الله» هذا إثبات الإلهية لله سبحانه وتعالى.

فهذه الكلمة على اختصارها ووجازة لفظها نفت الشرك وأثبتت التوحيد، نفت الشرك عن الله سبحانه وتعالى وأنه لا شريكَ له،


الشرح