لا
بد مع قول: «لا إله إلا الله» أن يكفر بجميع ما يُعبد مِنْ دون الله، ويعتقد
بطلانه وأنه باطل. أما مَنْ يقول: لا إله إلا اللهُ. ثم يدعو غير الله، يدعو
الأولياء والصالحين والموتى ويستغيث بهم، فهذا لم يكفُرْ بما يُعبد مِنْ دون الله،
فلا تنفعه «لا إله إلا الله»؛ لأن «لا إله إلا الله» لها قيود لا بد منها. مِنْ
أعظم قيودها: أن يكفر بما يُعبد مِنْ دون الله، ومِنْ قيودها الإخلاص؛ «يَبْتَغِي
بِذَلِكَ وَجْهَ الله»([1]).
فمعنى
قوله تعالى: ﴿لَّآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ﴾
[البقرة: 163] ﴿لَّآ إِلَٰهَ﴾هذا
يبطل جميع المعبودات مِنْ دون الله عز وجل أيًّا كانت، ﴿إِلَّا هُوَ﴾هذا يثبت العبادة لله وحدَه لا شريك
له، ﴿لَّآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ﴾
[البقرة: 163] وليس معنى: ﴿لَّآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ﴾أنه
ليس في الموجودات ما يُعبد مِنْ دون الله، لا، هناك معبوداتٌ كثيرة تُعبد مِنْ دون
الله، لكن عبادتها باطلة، وإنما المقصود العبادة الحق، التي لا تكون إلا لله، ﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهۡرَ فَلۡيَصُمۡه﴾.
ثم
قال: ﴿ٱلرَّحۡمَٰنُ ٱلرَّحِيمُ﴾
[البقرة: 163]، اسمان مِنْ أسماء الله سبحانه وتعالى يتضمنان صفةً عظيمةً وهي
الرحمة، فهو سبحانه وتعالى الرحمن الرحيم الذي وسعت رحمته كل شيء، شملت جميع
المخلوقات مِنَ الآدميين وغيرِهِمْ، فرحمةُ الله عز وجل شملت جميع المخلوقات في
هذه الدنيا، حتى الكفار شملتهم الرحمة، الله يرزقهم ويُصحهم، يصح أجسامهم، هذا
مِنْ رحمته سبحانه وتعالى في هذه الدنيا.
الدواب الله يرزقها، ﴿وَمَا مِن دَآبَّةٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا عَلَى ٱللَّهِ رِزۡقُهَا﴾ [هود: 6]. التعاطف الذي يكون بين الناس، المودةُ التي بين الناس،
([1]) أخرجه: البخاري رقم (425)، ومسلم رقم (33).