يعطف
بعضهم على بعض، الوالد على ولده، القريب على قريبه، حتى الحيوانات تعطف على
أولادها وتحبها. هذا مِنْ رحمة الله سبحانه وتعالى، أنزل الغيث الذي به حياة الأرض
للناس. هذا مِنْ رحمة الله سبحانه وتعالى.
فرحمة
الله واسعة، ﴿وَرَحۡمَتِي وَسِعَتۡ كُلَّ
شَيۡءٖۚ﴾ [الأعراف: 156]، هذا في الدنيا.
أما في الآخرة فإن رحمة الله لا تكون إلا للمؤمنين، أما الكفار فلا تشملهم رحمة
الله في الآخرة، لهم النار - والعياذ بالله - لكن في الدنيا تشملهم الرحمة، كما
قال تعالى في نبيه: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا
رَحۡمَةٗ لِّلۡعَٰلَمِينَ﴾
[الأنبياء: 107]، فرسالته فيها رحمة للعالمين حتى الكفار؛ لأنه صلى الله عليه
وسلم دعاهم إلى الإسلام ودلَّهم على ما فيه صلاحهم وخيرهم، فهذا مِنْ رحمة الله
بهم، ولم يتركهم الله عز وجل.
ومِنْ
رحمته: أنه أرسل الرسل، ومِنْ رحمته أنه دعا الخلق إلى عبادته
ليكرمهم بذلك ويدخلَهم جنته، مع أنه غني عنهم، لو كفروا كلُّهم ما أنقص ذلك مِنْ ملكه
شيئًا، ولكن رحمته سبحانه اقتضت أن الله يدعوهم إلى عبادته، ويرسل إليهم الرسل،
وينزِّل عليهم الكتب؛ لأجل هدايتهم لأنفسهم وتحصيل مصالحهم، فهذا مِنْ رحمة الله
سبحانه وتعالى أنه لم يتركهم، بل أرسل إليهم رسله وأنزل إليهم كتبه ودعاهم إلى
جنته. هذا مِنْ رحمتِهِ سبحانه، وهو ليس بحاجةٍ إليهم؛ ﴿مَآ أُرِيدُ مِنۡهُم مِّن رِّزۡقٖ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطۡعِمُونِ ٥٧ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلۡقُوَّةِ ٱلۡمَتِينُ ٥٨﴾ [الذاريات:
57، 58] فهو ليس بحاجةٍ إلى عبادتهم؛ ﴿إِن
تَكۡفُرُوٓاْ أَنتُمۡ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ
حَمِيدٌ﴾ [إبراهيم:
8].
إذًا
ما الحكمةُ في كونه يدعو عباده إلى طاعته؟
الحكمة: أنه يريد لهم الخير ويريد لهم الرحمة