ولا
يريد لهم العذاب؛ ﴿إِن تَكۡفُرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ
غَنِيٌّ عَنكُمۡۖ وَلَا يَرۡضَىٰ لِعِبَادِهِ ٱلۡكُفۡرَۖ وَإِن تَشۡكُرُواْ
يَرۡضَهُ لَكُمۡۗ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰۚ﴾
[الزمر: 7]، هذا مِنْ رحمته سبحانه، ﴿ٱلرَّحۡمَٰنُ
ٱلرَّحِيمُ﴾ [البقرة: 163]؛ لأن مقتضى ﴿ٱلرَّحۡمَٰنُ ٱلرَّحِيمُ﴾أنه أنعم
على عباده في هذه الدنيا، وشملهم برحمته بأرزاقهم وأقواتهم وصحتهم، وإرسال الرسل
إليهم، وإنزال الكتب، ودعوتهم إلى سعادتهم ونهيهم عما يضرهم، نهاهم عن الشرك،
نهاهم عن المعاصي، نهاهم عن فعل المحرمات. هذا مِنْ رحمته سبحانه؛ لأن المعاصيَ
تضرهم، الكفر والشرك يضرهم، المعاصي تضرهم، المحرمات تضرهم، الخبائث تضرهم.
فلذلك
مِنْ رحمته سبحانه أنه نهاهم وبيَّن لهم ما ينفعهم وبيَّن لهم ما يضرهم، وأمرهم
بطاعته ونهاهم عن معصيته مِنْ أجل مصالحهم، فهذا مِنْ رحمته سبحانه وتعالى بهم،
وهذا مقتضى قوله: ﴿ٱلرَّحۡمَٰنُ ٱلرَّحِيمُ﴾
[البقرة: 163]. ولما قال سبحانه: ﴿وَإِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ
وَٰحِدٞۖ لَّآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ﴾ [البقرة:
163] ذكر الدليل على ذلك والبرهان أن الإله واحد وأنه لا إله معه.
ما
هو الدليل؟
الدليل في قوله تعالى: ﴿إِنَّ فِي خَلۡقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱخۡتِلَٰفِ ٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱلۡفُلۡكِ ٱلَّتِي تَجۡرِي فِي ٱلۡبَحۡرِ بِمَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ وَمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مِن مَّآءٖ فَأَحۡيَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٖ وَتَصۡرِيفِ ٱلرِّيَٰحِ وَٱلسَّحَابِ ٱلۡمُسَخَّرِ بَيۡنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ لَأٓيَٰتٖ﴾ [البقرة: 164]، أي: لدَلاَلات واضحة على أن الله هو الإله الحق وأنه المستحق للعبادة؛ لأن جميع مَنْ يُعبدون مِنْ دون الله لم يفعلوا شيئًا مِنْ هذه الأفعال، جميع مَنْ يُعبدون مِنْ جن وإنس وغيرهم لم يفعلوا شيئًا مِنْ هذه الأفعال التي