وهذا
أيضًا صفة ثالثة وهي تَكْرَار الدعاء والإلحاح على الله سبحانه وتعالى، لكن هذه
صفات تقتضي الإجابة، لكن هناك مانعًا يمنع الإجابة والدعاء، لا بد لإجابة الدعاء
أن تتوفر أسبابها وتنتفي موانعها، الأسباب موجودة لكن المانع موجودٌ، مطعمه حرام -
والعياذ بالله - يأكل مِنَ الحرام، يأكل مِنَ الربا، يأكل مِنَ الرِّشْوة، يأكل
مِنَ الغش في المعاملات، يأكل مِنَ الميسر والمراهنات المحرمة، لا يبالي بالكسب
الحلال، وإنما يجمع مِنْ أي طريقٍ سنح له.
فماله
حرامٌ يأكل منه، ومشربه حرام، المشرب الذي يشرب حرام، يشرب مِنَ الخمر ويشرب مِنَ
المسكرات، يشرب مِنَ المواد المحرمة، وملبسه حرام، الملابس التي عليه حرامٌ؛ لأنها
مِنْ كسبٍ محرم، يشتري مِنْ كسبٍ محرم ويلبس. اجتمعت عليه ثلاثة أمور:
المطعم حرام والمشرب حرام والملبس حرام، وغُذِي بالحرام. فهذه الرابعة:
غُذِي جسمُه وجسدُه بالحرام، ونبت جسمُهُ على الحرام، هذه موانعُ للدعاء؛ ولذلك
قال صلى الله عليه وسلم: «فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لَه ؟!». يعني: يبعد،
يستبعد أن يستجاب له لوجود الموانع الحائلة بينه وبين قَبُول الدعاء.
ولهذا قال تعالى في هذه الآيةِ الكريمة: ﴿كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ﴾ [البقرة: 172]؛ لأن الأكل مِنَ الطيبات يسبب قَبُول الدعاء وصحة العبادة؛ لأن الطيبات تغذي تغذية طيبة وتعين على طاعة الله وتحيي القلب، ولأن المحرمات تؤثر على القلب وتعميه. أما الطيبات فإنها تفتح بصيرة القلب، «إِذَا صَلَحَ القَلْب صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَ القَلْبُ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ»، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ([1]).
([1]) أخرجه: البخاري رقم (52)، ومسلم رقم (1599).