×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

﴿كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ، أي: مِنَ المباحات التي أباحها اللهُ لكم وفيها بركةٌ وفيها خيرٌ وفيها آثار حميدة في الدنيا والآخرة، ﴿مَا رَزَقۡنَٰكُمۡهذا فيه امتنانٌ مِنَ الله عز وجل؛ لأن الرزق منه سبحانه، الرزقُ مِنَ الله، هو الذي رزقكم هذه النعم فاستمتعوا بها على الوجه الشرعي، ولا تتعسفوا برزق الله وتستعملوا رزق الله في معصية الله، لا تستعينوا برزق الله على معصية الله، كما قال الله عز وجل لبني إسرائيل: ﴿كُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ مِن رِّزۡقِ ٱللَّهِ وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِينَ [البقرة: 60].

﴿كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ وَٱشۡكُرُواْ لِلَّهِ إِن كُنتُمۡ إِيَّاهُ تَعۡبُدُونَ [البقرة: 172]، لا تتمتع بنعم الله وفضل الله ثم تعرض عن شكره، والشكر هو الثناءُ على الله عز وجل، والحمد لله عز وجل على نعمِهِ، والشكر له يثبِّت النعم وتزيد، وكفر النعمة تزول به النعم؛ كما قال سبحانه: ﴿وَإِذۡ تَأَذَّنَ رَبُّكُمۡ لَئِن شَكَرۡتُمۡ لَأَزِيدَنَّكُمۡۖ وَلَئِن كَفَرۡتُمۡ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٞ [إبراهيم: 7]، وقال تعالى: ﴿وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا قَرۡيَةٗ كَانَتۡ ءَامِنَةٗ مُّطۡمَئِنَّةٗ يَأۡتِيهَا رِزۡقُهَا رَغَدٗا مِّن كُلِّ مَكَانٖ فَكَفَرَتۡ بِأَنۡعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَٰقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلۡجُوعِ وَٱلۡخَوۡفِ بِمَا كَانُواْ يَصۡنَعُونَ [النحل: 112].

فالشكر يثبت النعم وينميها، والكفر يزيل النعم ويحل محلها النقم والعقوبات؛ ولهذا قال: ﴿وَٱشۡكُرُواْ [البقرة: 172]، لا تنسَوْا شكر الله إذا استمعتم برزقه، فلا تنسَوْا شكر الله سبحانه وتعالى.

والشكر كما يقول العلماء له ثلاثة أركان:

الركن الأول: التحدثُ بنعم الله ظاهرًا باللسان، بأن تثني على الله بها بلسانك؛ ﴿وَأَمَّا بِنِعۡمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثۡ [الضحى: 11] فتلهج بها بلسانك بنعم الله، تُثْني عليه، تشكره وتحمده، عند البداية في الأكل أو الشرب


الشرح