×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

وفي المجاري، أو يدوسه بقدميه مثل البهيمة التي تدوس العلف، هذا مِنْ كفر النعم؛ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إِذَا سَقَطَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَأْخُذْهَا، فَلْيُمِطْ مَا بِهَا مِنَ الأَْذَى، وَلْيَأْكُلْهَا، وَلاَ يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ»([1]).

وأمر صلى الله عليه وسلم بلعق الأصابع بعد الفراغ مِنَ الطعام قبل أن يمسحَها بالمنديل، يلعقها بمعنى: أنه يخليها مِنَ الطعام، فلا يمسح بقايا الطعام بالمنديل، أو يغسلها في المجاري، بل يلعق يديه وينظفها أولاً، ثم يغسل آثار الطعام والدسم بالماء. هذا مِنْ شكر نعمة الله.

أما الذين يقيمون الولائم الكبيرة، ويجعلون فيها الأطعمة الكثيرة واللحوم الكثيرة والفواكه، فإذا تناولوا يسيرًا منها طرحوها في القمامة، طرحوا اللحوم وطرحوا الطعام في القمامات والمزابل. فهؤلاء كفروا بنعمة الله عز وجل. فالإسراف والتبذير كفر بالنعمة، والاقتصاد في النفقة بألا ينفقَ الإنسان إلا قدر ما يأكل وقدر ما يحتاج. هذا مِنْ شُكر النعمة وحفظ النعمة. فهذه الأمور التي يفعلها الناس بنعم الله، يستهينون بها، هذا مِنْ كفر النعمة.

﴿وَٱشۡكُرُواْ لِلَّهِ [البقرة: 172] هؤلاء ما شكروا لله، بل بطروا واستهانوا بنعم الله سبحانه وتعالى، ولم يستحضروا أن هناك أكبادًا جائعةً في العالم - خصوصًا مِنَ المسلمين - إخوانهم المسلمون يئنون مِنَ الجوع ويتمنون لقمة العيش، وهؤلاء يبذِّرون ويسرفون في الحفلات والولائم، ولا ينفقون فلسًا في طاعة الله ومساعدة المحتاجين، فهذا مِنْ كفر النعم.


الشرح

([1]) أخرجه: مسلم رقم (2033).