×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

كما قال صلى الله عليه وسلم: «بَدَأَ الإِْسْلاَمُ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ»([1]).

والذين أسلموا معه صاروا يدعون إلى الله، فأسلم على أيديهم نفر، فتجمع حوله نفر مِنَ المسلمين فقاموا معه صلى الله عليه وسلم وهم نفر قليل، وصاروا يجتمعون في دار الأرقم، يتلقون عن الرسول صلى الله عليه وسلم ما ينزل عليه، ويعلمهم ولا يقدرون أن يذهبوا إلى البيت خوفًا مِنَ المشركين.

ثم أسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، البطل المغوار الذي ينفر منه الشيطان، وجاءهم في دار الأرقم، فقال: يا رسول الله، علامَ نختفي؟ ألسنا على الحق وهم على الباطل؟ ثم أسلم حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله، أسلم هذان الرجلان: عمرُ بنُ الخطاب وحمزةُ بن عبد المطلب، وهما أقوى رجلين في هذا البلد.

وكان هذا مِنْ لطف الله سبحانه وتعالى، ومِنْ دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ بِأَحَدِ الْعُمَرَيْنِ»([2])، أي: عمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام أبي جهل، فتحققت دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم في عمر، فجاء مسلمًا،


الشرح

([1]) أخرجه: مسلم رقم (145).

([2]) قال العجلوني في «كشف الخفاء» (1/184، 185): وقال في «التمييز»: وأما ما يدور على الألسنة قولهم: «اللَّهُمَّ أَيِّدِ -أو: أَعِزَّ - الإِسْلاَمَ بِأَحَدِ الْعُمَرَيْنِ». فلا أعلم له أصلاً. انتهى.

ونقل النجم عن السيوطي أنه قال: وقد اشتهر الآن على الألسنة بلفظ: «بِأَحَبِّ الْعُمَرَيْنِ»، ولا أصل له مِنْ طرق الحديث، بعد الفحص البالغ. انتهى.

واللفظ الوارد هو ما أخرجه: الترمذي رقم (3681)، وأحمد رقم (5696) عن ابن عمر، أن رسول الله قال: اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ بِأَحَبِّ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ إِلَيْكَ بِأَبِي جَهْلٍ أَوْ بِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ قَالَ: وَكَانَ أَحَبَّهُمَا إِلَيْهِ عُمَرُ.