كانوا
متمسكين بكتاب الله، كما قال تعالى: ﴿لَيۡسُواْ
سَوَآءٗۗ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ أُمَّةٞ قَآئِمَةٞ يَتۡلُونَ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ
ءَانَآءَ ٱلَّيۡلِ وَهُمۡ يَسۡجُدُونَ ١١٣ يُؤۡمِنُونَ
بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَيَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ
وَيُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ مِنَ ٱلصَّٰلِحِينَ ١١٤ وَمَا يَفۡعَلُواْ مِنۡ خَيۡرٖ فَلَن يُكۡفَرُوهُۗ وَٱللَّهُ
عَلِيمُۢ بِٱلۡمُتَّقِينَ ١١٥﴾ [آل عمران: 113- 115]، ﴿وَإِنَّ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ لَمَن يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَمَآ
أُنزِلَ إِلَيۡكُمۡ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِمۡ﴾
[آل عمران: 199].
هذه
بقايا موجودة قُبيل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، لكنها أظلمت الأرض بالشرك
والوثنيات حتى عند بيت الله العتيق، فكان عليه ثلاثمائة وستون صنمًا، وكان على
الصفا والمروة إساف ونائلة، وكان حول مكة اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى.
فاليهود
حرَّفوا وضلوا إلا بقايا انقرضت، والنصارى حرَّفوا وزيفوا وغيروا دين المسيح،
والعرب غيروا دين إسماعيل؛ فأظلمت الأرض بالشرك، فعند ذلك أذن الله سبحانه وتعالى
بفجرٍ جديدٍ للبشرية برحمته سبحانه وتعالى، فبعث الله محمدًا صلى الله عليه وسلم
في هذا الظلام الدامس على وجه الأرض.
وتحققت بذلك دعوة إبراهيم وإسماعيل بقولهما: ﴿رَبَّنَا وَٱبۡعَثۡ فِيهِمۡ رَسُولٗا﴾ [البقرة: 129]. تحقق ذلك وأجاب الله هذه الدعوة، ولهذا يقول: «أَنَا دَعْوَةُ إِبْرَاهِيمَ وَبُشْرَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ»([1]). فهو دعوة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام لما قالا: ﴿رَبَّنَا وَٱبۡعَثۡ فِيهِمۡ رَسُولٗا﴾ [البقرة: 129]، فالله جل وعلا قريبٌ مجيب لم يضيع هذه الدعوة، ولكنه أخر إجابتها إلى وقتها المناسب بفضله ورحمته سبحانه وتعالى، وتحققت بشارة عيسى عليه السلام برسول الله صلى الله عليه وسلم محمدٍ.
([1]) أخرجه: أحمد رقم (22261)، والطيالسي رقم (1236)، والطبراني في الكبير (7729)