×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

يؤتيه مَنْ يشاء؛ ﴿رَسُولٗا مِّنۡهُمۡ يَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِهِۦ وَيُزَكِّيهِمۡ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبۡلُ لَفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ [الجمعة: 2]. من قبل لم يكن عندهم نبي، ولا عندهم كتاب، وكانوا جهَّالاً لا يعرفون الكتاب، يقول الله لرسوله محمدٍ صلى الله عليه وسلم: ﴿وَكَذَٰلِكَ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ رُوحٗا مِّنۡ أَمۡرِنَاۚ مَا كُنتَ تَدۡرِي مَا ٱلۡكِتَٰبُ وَلَا ٱلۡإِيمَٰنُ وَلَٰكِن جَعَلۡنَٰهُ نُورٗا نَّهۡدِي بِهِۦ مَن نَّشَآءُ مِنۡ عِبَادِنَاۚ وَإِنَّكَ لَتَهۡدِيٓ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ [الشورى: 52]، ﴿وَمَا كُنتَ تَرۡجُوٓاْ أَن يُلۡقَىٰٓ إِلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبُ إِلَّا رَحۡمَةٗ مِّن رَّبِّكَۖ فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرٗا لِّلۡكَٰفِرِينَ [القصص: 86]، ما كان الرسولُ في باله أن سيُلقى عليه كتابٌ قبل أن يبعثه الله جل وعلا، ﴿وَمَا كُنتَ تَتۡلُواْ مِن قَبۡلِهِۦ مِن كِتَٰبٖ وَلَا تَخُطُّهُۥ بِيَمِينِكَۖ إِذٗا لَّٱرۡتَابَ ٱلۡمُبۡطِلُونَ ٤٨ بَلۡ هُوَ ءَايَٰتُۢ بَيِّنَٰتٞ فِي صُدُورِ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَۚ وَمَا يَجۡحَدُ بِ‍َٔايَٰتِنَآ إِلَّا ٱلظَّٰلِمُونَ ٤٩ [العنكبوت: 48، 49].

فتحققت بذلك دعوةُ الخليل وابنه إسماعيل: ﴿رَبَّنَا وَٱبۡعَثۡ فِيهِمۡ رَسُولٗا [البقرة: 129]، ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم، ومِنْ هذا المكان الطاهر مِنْ أم القرى، فقام صلى الله عليه وسلم يدعو الناس إلى دين الله، وإلى أن يرجعوا إلى دين أبيهم إبراهيمَ عليه السلام، الدين الحنيف، الإسلام، فقام صلى الله عليه وسلم يدعو الناس؛ ممتثلاً أمر الله ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُدَّثِّرُ ١ قُمۡ فَأَنذِرۡ ٢ وَرَبَّكَ فَكَبِّرۡ ٣ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرۡ ٤ [المدثر: 1- 4]، وكان صلى الله عليه وسلم قبل بعثته متجنبًا ما عليه المشركون، فلم يعبدْ صنمًا ولم يشرب خمرًا، ولم يفعل ما يفعله قومُهُ؛ لأن الله يريد أن يهيئه لأمرٍ عظيم.

وكان صلى الله عليه وسلم يذهب إلى غار حراء في رأس جبل النور، ويختفي فيه الشهر والشهرين، يتعبد فيه لله عز وجل على دين إبراهيم عليه السلام، وينعزل عن هؤلاء المشركين وهؤلاء الوثنيين، ينعزل وَحدَه، ثم تزوج أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها، كانت تزوده فيذهب إلى هذا الغار.


الشرح