×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

قوله: ﴿وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَرٖ فَعِدَّةٞ مِّنۡ أَيَّامٍ أُخَرَۗ [البقرة: 185]، الكلام فيه تقدير، يعني: فأفطر، فيه تقدير: فأفطر، ﴿فَعِدَّةٞ مِّنۡ أَيَّامٍ أُخَرَۗ وأما إذا لم يفطر فليس عليه عدةٌ مِنْ أيام أخر؛ لأنه صام. ﴿مِّنۡ أَيَّامٍ أُخَرَۗ: وأطلق سبحانه وتعالى أيام القضاء؛ فدل على أن القضاء مُوَسَّعٌ وقته، وكلما بادر المسلم فصام ما أفطره في السفر أو المرض كان أحسن، وله أن يُؤَخّرَ، ولكنْ لا يأتي عليه رمضان آخر إلا وقد صام ما عليه إذا كان يقدر على الصيام؛ فلا يجوزُ له أن يؤخر الصيام حتى يأتيَ عليه رمضان آخرُ وهو يستطيع القضاء؛ لأن عائشةَ رضي الله عنها قالت: «كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلاَّ فِي شَعْبَانَ، وَذَلِكَ لِمَكَانِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم»([1]). فالذي عليه قضاءٌ مِنْ رمضان ينبغي له ويستحب له أن يبادر بالقضاء، وله أن يؤخره على ألا يبقى إلى رمضان القادم إلا قدر الأيام التي عليه؛ فيجب عليه حينئذٍ القضاءُ.

أما إن كان له عذر، واستمر العذر فإن التوسعةَ في حقه أكثر، فله أن يؤخر القضاء إلى ما بعد رمضان، وليس عليه شيءٌ غير القضاء. أما إن أخَّر القضاء إلى ما بعد رمضان الثاني مِنْ غير عذر؛ فعليه أمران:

الأمر الأول: القضاء.

والثاني: إطعامُ مسكين عن كل يوم؛ كفَّارة عن التأخير.

وصَلِّ اللهم على نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين.

والحمدُ لله ربِّ العالمين.

*****


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (1146).