×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

الدرس الأربعون

قال الله سبحانه وتعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمۡ لَيۡلَةَ ٱلصِّيَامِ ٱلرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَآئِكُمۡۚ هُنَّ لِبَاسٞ لَّكُمۡ وَأَنتُمۡ لِبَاسٞ لَّهُنَّۗ عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمۡ كُنتُمۡ تَخۡتَانُونَ أَنفُسَكُمۡ فَتَابَ عَلَيۡكُمۡ وَعَفَا عَنكُمۡۖ فَٱلۡـَٰٔنَ بَٰشِرُوهُنَّ وَٱبۡتَغُواْ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمۡۚ وَكُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ٱلۡخَيۡطُ ٱلۡأَبۡيَضُ مِنَ ٱلۡخَيۡطِ ٱلۡأَسۡوَدِ مِنَ ٱلۡفَجۡرِۖ ثُمَّ أَتِمُّواْ ٱلصِّيَامَ إِلَى ٱلَّيۡلِۚ وَلَا تُبَٰشِرُوهُنَّ وَأَنتُمۡ عَٰكِفُونَ فِي ٱلۡمَسَٰجِدِۗ تِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلَا تَقۡرَبُوهَاۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ ءَايَٰتِهِۦ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ[البقرة: 187].

الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على عبدِهِ ورسولِهِ نبيِّنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وأصحابه، ومَنِ اهتدى بهداه، وتمسّك بسنَّته إلى يوم الدين، أما بعد:

فقوله تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمۡ؛ هذا يدل على أنه كان في أول الأمر ليس حلالاً لهم أن يباشروا زوجاتهم، وأن يأكلوا ويشربوا في الليل، في ليلة الصيام. وهذا كان في أول ما شُرِع الصيام، كانوا يصومون إذا غاب الشفق وقت العشاء إلى أن تغيب الشمس، فكان الصيامُ وقتًا طويلاً يشمل معظم الليل وجميع النهار، معظم الليل مِنْ دخول وقت العشاء، يصومون إلى أن تغيب الشمس مِنَ الغد، فكان في ذلك مشقةٌ عليهم، فمنهم مَنْ تضرر مِنْ طول الصيام وأُغْمِي عليه، ومنهم مَنْ لم يصبر عن زوجته فوقع عليها بعد العشاء.

فلما حصل ذلك خَفَّف الله عنهم، فقال: ﴿أُحِلَّ لَكُمۡ لَيۡلَةَ ٱلصِّيَامِ [البقرة: 187]، مِنْ غروب الشمس؛ لأن الليل يشمل مِنْ غروب الشمس إلى طلوع الفجر، كل هذا وقت للإفطار والأكل والشرب


الشرح