×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

الدرس الثالث والأربعون

قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَا تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَكُم بَيۡنَكُم بِٱلۡبَٰطِلِ وَتُدۡلُواْ بِهَآ إِلَى ٱلۡحُكَّامِ لِتَأۡكُلُواْ فَرِيقٗا مِّنۡ أَمۡوَٰلِ ٱلنَّاسِ بِٱلۡإِثۡمِ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ[البقرة: 188].

الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى اللَّه وسلَّم على عبدِهِ ورسوله نبيِّنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وأصحابه، ومَنِ اهتدى بهداه، وتمسك بسنَّته إلى يوم الدين.

*أما بعد:

فقد قال بعض العلماء: المناسبة لهذه الآية مع ما قبلها مِنْ آيات الصيام، أنه كما يجب على المسلم تركُ المباحات في الصيام؛ فإنه يجب عليه أن يصومَ عن المحرمات دائمًا وأبدًا؛ لأن الصيام ينبه الإنسان على ترك ما حرم الله عليه، ويوقظه إلى أن يترك الحرام في كل وقت.

﴿وَلَا تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَكُم، يعني: أموال بعضكم، فأموال إخوانك أموال لك؛ لأن المسلمين كالجسد الواحد، وكالبنيان يشد بعضه بعضًا، فمال أخيك المسلم مالٌ لك، كما أن نفس أخيك المسلم نفسٌ لك، ﴿وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَنفُسَكُمۡۚ [النساء: 29]، أي: لا يقتل بعضكم بعضًا؛ لأن المسلمين كنفس واحدة.

﴿وَلَا تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَكُم بَيۡنَكُم بِٱلۡبَٰطِلِ [البقرة: 188]: الباطل غير الحق، فأموال المسلمين محرمة كدمائهم؛ قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا»  ([1])،


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (67)، ومسلم رقم (1679).