«كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا»، يعني:
يوم عرفة، « فِي شَهْرِكُمْ هَذَا»، يعني: ذا الحجة، «فِي بَلَدِكُمْ
هَذَا»، أي: في مكة.
فحرمة
مال المسلم كحرمة دمه، فكما لا يجوز لك أن تقتله بغير حق، فكذلك لا يجوز لك أن
تأخذ ماله بغير حق، قال صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ
مُسْلِمٍ إِلاَّ بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ» ([1])،
وقال عليه الصلاة والسلام: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى
يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ،
وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا
مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّ الإِسْلاَمِ، وَحِسَابُهُمْ
عَلَى اللَّهِ» ([2]).
فالأموال
شأنها عظيمٌ؛ لأن بها منافع الناس، والله خلق هذه الأموال لمنافع الناس، قال
تعالى: ﴿وَلَا
تُؤۡتُواْ ٱلسُّفَهَآءَ أَمۡوَٰلَكُمُ ٱلَّتِي جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمۡ قِيَٰمٗا﴾ [النساء: 5]، فالناس لا
يتوصلون إلى مصالحهم وحوائجهم إلا بالأموال. فهذه الأموال مِنْ نعم الله سبحانه
وتعالى.
﴿وَلَا تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَكُم بَيۡنَكُم بِٱلۡبَٰطِلِ﴾ [البقرة: 188]: والباطل غيرُ الحق، فلا يجوز لأحد أن
يعتديَ على مال مسلم ويأخذَه بغير حق، سواءٌ بالنهب والظلم، أو بالسرقة، أو بالغش
والخيانة والخديعة، بأي وجهٍ مِنَ الوجوه لا يأخذ مال أخيه بطريقة غيرِ شرعية، فإن
أخذه فإنه ظالمٌ.
ولهذا شرع الله الدفاع عن الأموال كما شرع الدفاع عن الأنفس، كما ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله سائل: إن عدا عليّ عادٍ؟ فأمره أن ينهاه ثلاث مرار. قال: فإن أَبَى؟ فأمره بقتاله. قال: فكيف بنا؟ قال: «إِنْ قَتَلَكَ فَأَنْتَ فِي الْجَنَّةِ، وَإِنْ قَتَلْتَهُ فَهُوَ فِي النَّارِ» ([3]).
([1]) أخرجه: أحمد رقم (20695)، والبيهقي رقم (11545).