الدرس التاسع
والثلاثون
قال
الله سبحانه وتعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌۖ أُجِيبُ دَعۡوَةَ
ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِۖ فَلۡيَسۡتَجِيبُواْ لِي وَلۡيُؤۡمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمۡ
يَرۡشُدُونَ﴾ [البقرة: 186].
الحمد
لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على عبدِهِ ورسولِهِ نبيِّنا محمدٍ صلى
الله عليه وسلم، وعلى آله وأصحابه، ومَنِ اهتدى بهداه، وتمسَّك بسنَّته إلى يوم
الدين.
*أما
بعد:
فقد
جاءت هذه الآيةُ في وسط آيات الصيام؛ مما يدل على أن الدعاءَ مِنَ الصائم مَظِنة
الإجابة، وأن الصائمَ ينبغي له أن يكثرَ مِنَ الدعاء، فقوله سبحانه: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي
عَنِّي﴾ جاء
في سبب نزول الآية: أن نفرًا مِنَ الصحابة سألوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا:
يا رسول الله، أقريبٌ رَبُّنا فنناجيه أم بعيدٌ فنناديه؟ فأنزل اللهُ هذه الآيةَ: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي
عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌۖ أُجِيبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِۖ﴾ [البقرة: 186].
الدعاءُ هو أعظم أنواع العبادة، كما في الحديث: «الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ» ([1])، وقد سماه الله دينًا، وسماه عبادةً، قال تعالى: ﴿فَٱدۡعُواْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ﴾ [غافر: 14]، أي: مخلصين له الدعاء بألا تدعوا غير الله. وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِي سَيَدۡخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: 60]، فسمى الدعاءَ عبادة؛ لأنه لما قال: ﴿ٱدۡعُونِيٓ﴾، قال: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِي﴾ [غافر: 60]،
الصفحة 1 / 518