أي:
عَنْ دعائي، فدلّ على أن الدعاء عبادةٌ، بل هو أعظم أنواع العبادة.
*والدعاءُ على قسمين:
القسم
الأول: دعاءُ العبادة، وهو الثناء على الله سبحانه وتعالى.
القسم
الثاني: دعاء مسألةٍ، وهو طلب الحوائج مِنَ الله سبحانه وتعالى،
وكلا النوعين - دعاء العبادة ودعاء المسألة - تضمنتهما سورة الفاتحة، فأولها دعاءُ
عبادةٍ؛ لأنه ثناءٌ على الله سبحانه وتعالى:
﴿بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ ١ ٱلۡحَمۡدُ
لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ٢ ٱلرَّحۡمَٰنِ
ٱلرَّحِيمِ ٣ مَٰلِكِ يَوۡمِ ٱلدِّينِ ٤ إِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ﴾
[الفاتحة: 1- 5]. هذا كلُّه ثناء على الله، فهو دعاء عبادة، ﴿ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ
ٱلۡمُسۡتَقِيمَ ٦ صِرَٰطَ
ٱلَّذِينَ أَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِمۡ غَيۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَيۡهِمۡ وَلَا
ٱلضَّآلِّينَ﴾ [الفاتحة: 6- 7] هذا دعاء
مسألة؛ أي: طلب الهداية مِنَ الله سبحانه وتعالى إلى الصراط المستقيم؛ ولذلك صارت
سورة الفاتحةِ هي أعظم سورةٍ في كتاب الله، وهي أمُّ القرآن، وهي السبع المثاني؛
لأنها تضمنت نوعيِ الدعاء.
وفي
هذه الآية: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي﴾
[البقرة: 186]: يقول الله تعالى لنبيه محمدٍ صلى الله عليه وسلم: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي
عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌۖ﴾
[البقرة: 186]، قريبٌ مِنْ عباده مع أنه فوق سمواته مستوٍ على عرشه، وهو قريبٌ
مِنْ خلقه سبحانه وتعالى، فهو مع علوِّه هو قريبٌ مِنْ خلقه لا يخفون عليه.
فهو الظاهر والباطن. الظاهرُ كما فسره النبي صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَالْبَاطِنُ لَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ» ([1])، فهو عليٌّ في دنوه، قريب في علوه سبحانه وتعالى.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2713).