﴿فَإِنِّي قَرِيبٌۖ﴾: ولما سمع النبي صلى الله عليه وسلم أناسًا يرفعون
أصواتهم بالدعاء، قال لهم صلى الله عليه وسلم: «أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا
عَلَى أَنْفُسِكُمْ؛ فَإِنَّكُمْ مَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا، إِنَّمَا
تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا. إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ
مِنْ عُنُقِ رَاحِلَتِهِ» ([1])،
فهذا معنى قوله: ﴿فَإِنِّي
قَرِيبٌۖ﴾. ثم قال: ﴿أُجِيبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ
إِذَا دَعَانِۖ﴾ [البقرة: 186]، هذا وعدٌ من
الله، كما قال تعالى: ﴿وَقَالَ
رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ﴾
[غافر: 60]، هذا وعدٌ مِنَ الله، فمَنْ دعا الله مخلصًا - الدعاء لله - فإن الله
يستجيب له ما لم يكن هناك مانعٌ مِنْ قَبُول الدعاء.
هناك
موانعُ تمنع مِنْ قَبُول الدعاء، منها:
أكل
الحرام: الذي يأكل الحرام ويتغذى بالحرام لا يُستجاب له دعاءٌ،
كما في الحديث: «ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ،
يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ،
وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى
يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟!» ([2]).
الذي يأكل الحرام ويتغذى به لا يستجاب له دعاءٌ.
وكذلك
جاء أن المنكر إذا ظهر في الناس ولم ينكروه؛ لا يستجاب لهم دعاءٌ، إذا لم ينكروا
المنكر في مجتمعهم، هذا من موانع قبول الدعاء.
وكذلك لا يدعو بإثم أو قطيعة رحم: ﴿ٱدۡعُواْ رَبَّكُمۡ تَضَرُّعٗا وَخُفۡيَةًۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِينَ﴾ [الأعراف: 55]، الاعتداء في الدعاء: أن يدعوَ على إنسان بغير حق، هذا اعتداء، ولا يستجيب الله لهم، أو يدعو بإثم،
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2992)، ومسلم رقم (2704).