×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

هو الذي يبيح الإفطار. وقال بعضهم: ثلاثة أيام. وقال بعضهم: يوم وليلة. وبعضهم قال: مطلق السفر. كل ما يُسَمّى سفرًا في عُرْفِ الناس ويتأهبون له بأهبة السفر؛ فإنه يُسَمَّى سفرًا.

فالمسافر يفطر، هذا أفضل له أنه يفطر، حتى ولو لم يكنْ عليه مشقةٌ أخذًا بالرخصة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الله يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ»([1]). فالأفضل للمسافر أن يفطر، والأفضل للمريض أن يفطر، ولَوْ صام المريض أو صام المسافر أجزأه صيامُهُ، ولكنه ترك الأفضل والأحبَّ إلى الله عز وجل.

ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأسفار، وأُخْبِر أن بعض الصحابة كانوا صائمين مع الرسول صلى الله عليه وسلم في السفر، قال: «هَؤُلاَءِ الْعُصَاةُ»([2])، يعني: الذين تركوا الرخصة صاروا عصاةً بصومهم؛لأنهم تركوا الرخصة وأرهقوا أنفسهم.

ولما كان المفطرون هم الذين يخدمون رفقتهم، والصائمون قد ناموا مِنْ أجل الصيام؛ قال صلى الله عليه وسلم: «ذَهَبَ الْمُفْطِرُونَ بِالأَْجْرِ»([3]). فدل هذا على أن الأفضل للمسافر أنْ يفطر، وإن صام فصومُهُ صحيح ومجزئ عند الجمهور، وإلا فبعض العلماء يرى أنه لا يصحُّ منه الصومُ، أهل الظاهر كابن حزم وغيرِهِ: يرَوْن أن المسافر إذا صام لا يصحُّ صيامُهُ، لكنَّ الذي عليه جمهور أهل العلم أنه إذا صام أجزأَهُ؛ لأن بعض الصحابة صاموا وهم مسافرون مع النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأمُرْهم بالإعادة.


الشرح

 ([1])أخرجه: أحمد رقم (5866)، وابن خزيمة رقم (950)، وابن حبان رقم (2742).

 ([2])أخرجه: مسلم رقم (1114).

([3])أخرجه: البخاري رقم (2890)، ومسلم رقم (1119).