×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

وفي رواية: «فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ»  ([1])، هذا الأمرُ الثاني الذي يثبت به دخول شهر رمضان: إما رؤية الهلال، وإما إذا لم يُرَ الهلالُ ليلة الثلاثين مِنْ شعبان؛ فإنه يكمل شعبان ثلاثين يومًا.

وهذان الأمران واضحان - ولله الحمد - ليس فيهما غموضٌ، كلٌّ يعرِف هذين الأمرين؛ العلماء والعوام والبادية والحاضرة، كلهم يعرفون هذين الأمرين: إما رؤية الهلال، وإما إكمال شعبان ثلاثين يومًا. ورؤية الهلال تتحقق برؤية شخص واحد مِنَ المسلمين.

بدليل حديث ابن عمر رضي الله عنهما، قال: «تَرَاءَى النَّاسُ الْهِلاَلَ، فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنِّي رَأَيْتُهُ، فَأَمَرَ النَّاسَ بِالصِّيَامِ»  ([2]).

وفي حديث آخرَ: أنه جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إني رأيت الهلال - قال الحسنُ في حديثه: يعني رمضان - فقال: «أَتَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ»، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟»، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «يَا بِلاَلُ، أَذِّنْ فِي النَّاسِ فَلْيَصُومُوا غَدًا»  ([3]).

فدل على أنه يكفي في رؤية الهلال شخصٌ واحد مِنَ المسلمين، أما إذا لم يُرَ بسبب الغيم أو القطر الذي لا يتمكن الناس مِنْ رؤيته مع هذه الأشياء، فإن الشهر يكمل ثلاثين يومًا، شهر شعبان.

وبهذا نعلم أن ما يطنطن به الآن ممن قَلَّ علمُهُم وفقهُهم مِنْ قول بالعمل بالحساب الفلكي، ويريدون مِنَ الأمة أن تصومَ على الحساب



الشرح

 ([1])أخرجه: البخاري رقم (1909).

([2])  أخرجه: أبو داود رقم (2342)، والدارمي رقم (1733)، وابن حبان رقم (3447).

([3])  أخرجه: أبو داود رقم (2340)، والترمذي رقم (691)، والنسائي رقم (2113)، والدارمي رقم (1734).