×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

بالاستمتاع بالليل، ﴿فَٱلۡـَٰٔنَ بَٰشِرُوهُنَّ [البقرة: 187] بجميع أنواع الاستمتاع، ﴿فَٱلۡـَٰٔنَ بَٰشِرُوهُنَّ وَٱبۡتَغُواْ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمۡۚ [البقرة: 187]، قيل: معنى: ﴿وَٱبۡتَغُواْ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمۡۚ، أي: الولد، اطلبوا الولد بالاستمتاع بالزوجات؛ لأن طلب الذرية مقصد شرعيٌّ عظيم، وليس المرادُ قضاءَ الشهوة فقط، لكن مع قضاء الشهوة يطلب به الذرية الصالحة.

الشارع الحكيم شرع الزواج لأجل مصالحَ عظيمةٍ، منها طلب الذرية الصالحة، ﴿وَٱبۡتَغُواْ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمۡۚ، يعني: ما قدَّر الله لكم مِنَ الذرية.

وهذا فيه فعل الأسباب، وأن الإنسان لا يعتمد على القضاء والقدر ويترك الأسباب، بل يعمل الأسباب فيباشر زوجته طلبًا للولد، ولا يقول: إن كان مقدرًا لي ولد فإنه سيأتي ولو لم أتزوج. لا، هذا مثلما سبق أن ذكرنا؛ لأنه لا بد مِنَ الإيمان بالقضاء والقدر، ولا بد مِنْ فعل الأسباب النافعة. الزواج ومباشرة الزوجة سبب لإنجاب الذرية.

﴿وَٱبۡتَغُواْ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمۡۚ، وقيل: إن معناه: أي الرخصة التي رخص الله لكم، ﴿كَتَبَ، يعني: شرع لكم مِنَ الجماع والأكل والشرب في ليلة الصيام، هذه رخصة بعد المنع فيما سبق.

هذا فيه: الحث على العمل بالرخص الشرعية: «إِنَّ الله يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى عَزَائِمُهُ»  ([1]).

يحب أن يقصر المسافر في الصلاة، ويحب مِنَ المسافر أن يفطر في رمضان، ويحب مِنَ المسلمين أن يأكلوا ويشربوا ويباشروا زوجاتِهم في


الشرح

([1])  أخرجه: ابن أبي شيبة رقم (26474)، وابن حبان رقم (354)، والطبراني في الكبير رقم (11880).