×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

﴿ثُمَّ أَتِمُّواْ ٱلصِّيَامَ، أي: الإمساك عن الأكل والشرب إلى الليل. فحَرُمَ الأكلُ والشرب على الصائم في نهار الصيام، فإذا فعله متعمدًا بطل صيامه؛ لأنه أصبح غير صائم بالأكل والشرب، سواءٌ كان هذا الأكلُ والشربُ كثيرًا أو قليلاً، ما دام أنه قد تعمد وأكل ولو قليلاً، أو شرب ولو قليلاً؛ فإنه يفسد صيامه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «وَبَالِغْ فِي الاِسْتِنْشَاقِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ صَائِمًا»  ([1]).

معلوم أن الاستنشاق شيءٌ يسير، فإذا بالغ فيه ووصل الماء إلى حلقه؛ فإنه فعل ما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، ومِنْ باب أولى الأكلُ والشرب، مع مخالفة قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَتِمُّواْ ٱلصِّيَامَ.

أما لو أكل أو شرب ناسيًا فإن هذا لا يضر صيامه ولا يفسده؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ وَهُوَ صَائِمٌ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ»  ([2])؛ لقوله تعالى: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذۡنَآ إِن نَّسِينَآ أَوۡ أَخۡطَأۡنَاۚ [البقرة: 286]، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الله وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ، وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ»  ([3]).

ومثل الأكل والشرب: ما يدخله الإنسانُ إلى جوفه مما يغذيه، مثل الإبر المغذية، فلو حقن الإنسان بإبر مغذية فإنها تبطل صومه؛ لأنها بمعنى الأكل والشرب.

النوع الثاني: ابتلاع الأدوية - الحبوب والشراب والدواء - إذا ابتلعها عن طريق الفم، أو شربها عن طريق الفم ليتداوى بها؛ فإنها


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (2366)، والترمذي رقم (788)، وابن ماجه رقم (407)، والنسائي رقم (87).

 ([2])أخرجه: البخاري رقم (1933)، ومسلم رقم (1155).

([3])  أخرجه: ابن ماجه رقم (2045)، وابن حبان رقم (7219)، والحاكم رقم (2801).