×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

قال سبحانه وتعالى:﴿وَلَا تُؤۡتُواْ ٱلسُّفَهَآءَ أَمۡوَٰلَكُمُ ٱلَّتِي جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمۡ قِيَٰمٗا[النِّسَاء: 5]﴿السُّفَهَاءَ جمع سفيه، وهو خفيفُ العقل الذي لا يستطيع أن يحفظ المال ويضيِّعُه.

ونَهَى النبي صلى الله عليه وسلم عنْ إضاعة المال؛ قال: «إِنَّ الله كَرِهَ لَكُمْ ثَلاَثًا: قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةَ المَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ»  ([1])، المال يجب حفظُهُ، ولا تجوز إضاعتُهُ. قال سبحانه وتعالى: ﴿وَلَا تَجۡعَلۡ يَدَكَ مَغۡلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبۡسُطۡهَا كُلَّ ٱلۡبَسۡطِ فَتَقۡعُدَ مَلُومٗا مَّحۡسُورًا[الإسراء: 29]، ﴿وَءَاتِ ذَا ٱلۡقُرۡبَىٰ حَقَّهُۥ وَٱلۡمِسۡكِينَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرۡ تَبۡذِيرًا ٢٦ إِنَّ ٱلۡمُبَذِّرِينَ كَانُوٓاْ إِخۡوَٰنَ ٱلشَّيَٰطِينِۖ وَكَانَ ٱلشَّيۡطَٰنُ لِرَبِّهِۦ كَفُورٗا [الإسراء: 26، 27]، قال تعالى: ﴿وَكُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ وَلَا تُسۡرِفُوٓاْۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُسۡرِفِينَ [الأعراف: 31].

فهذه الأموال عهدةٌ مِنَ الله، وهي كما قال سبحانه وتعالى ﴿ءَامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسۡتَخۡلَفِينَ فِيهِۖ فَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وأَنفَقُواْ لَهُمۡ أَجۡرٞ كَبِيرٞ[الحديد: 7]، فأنت مستخلَف في هذا المال، سبقك إليه مَنْ قبلك، وسيخلفك عليه مَنْ بعدك، فهذ المال إنما هو متداول بين الناس وبين الأجيال، خلقه الله لمصالح العباد.

فالواجب على مَنْ رزقه الله مالاً: أن يحسن استعماله، وألا يضيعه، وأن يحافظَ عليه وينتفع منه في دنياه وفي آخرته.

والمال أيضًا ابتلاءٌ وامتحان، يبتلي به الله بعض الناس، فيكثر ماله ليرى تصرفه فيه: هل هو تصرف المحسن المنتفع به عاجلاً وآجلاً، أو تصرف المفسد؟ وسيسأل عنه يوم القيامة، كما قال صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَزُولُ


الشرح

 ([1])أخرجه: البخاري رقم (1477)، ومسلم رقم (593).