قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ
القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ»، وذكر
منها: «عَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ، وَفِيمَ أَنْفَقَهُ» ([1])،
يسأل عن هذا المال، كيف دخل عليه؟ مِنْ أي طريق: مِنْ حلال أم مِنْ حرام؟
ثم
تسأل أيضًا كيف تصرفت فيه؟ هل صرفته في طاعة الله، وفيما ينفعك؟ أو صرفته في معصية
الله وفيما يضرك؟ فأنت مسؤول عن هذا المالِ وهو فتنة، كما قال تعالى: ﴿إِنَّمَآ أَمۡوَٰلُكُمۡ
وَأَوۡلَٰدُكُمۡ فِتۡنَةٞۚ وَٱللَّهُ عِندَهُۥٓ أَجۡرٌ عَظِيمٞ﴾ [التغابن: 15]، أي: ابتلاء وامتحان.
فأنت
تبتلى بهذا المال، فإذا كان عندك مالٌ فاعلم أنك مبتلًى، فأحسن التصرف فيه حتى
تسلم مِنْ مسؤوليته، وأخرج ما فيه مِنَ الحقوق التي أوجبها الله في الأموال؛ ﴿وَٱلَّذِينَ فِيٓ
أَمۡوَٰلِهِمۡ حَقّٞ مَّعۡلُومٞ ٢٤ لِّلسَّآئِلِ
وَٱلۡمَحۡرُومِ﴾ [المعارج: 24، 25]، والزكاة
أخرج ما أوجب الله في هذا المال مِنْ حقوق لله وحقوق للمخلوقين، حتى تسلمَ مِنْ
مسؤوليته يوم القيامة، أخرج ما فيه مِنْ حقوق، واستعمله فيما أباح الله، وفيما
تحتاجه مما يغنيك عن الناس. فمَنْ أحسن في المال فإنه يكون قد سلم مِنْ مسئوليته،
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحُ لِلرَّجُلِ
الصَّالِحِ» ([2]).
وفي هذه الآيةِ التي سبقت، وهي قول الله جل وعلا: ﴿وَلَا تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَكُم بَيۡنَكُم بِٱلۡبَٰطِلِ وَتُدۡلُواْ بِهَآ إِلَى ٱلۡحُكَّامِ لِتَأۡكُلُواْ فَرِيقٗا مِّنۡ أَمۡوَٰلِ ٱلنَّاسِ بِٱلۡإِثۡمِ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ﴾ [البقرة: 188]، هذا نهيٌ مِنَ الله جل وعلا، ﴿وَلاَ تَأْكُلُوا﴾: نهيٌ مِنَ الله سبحانه وتعالى، وليس المرادُ خصوصَ الأكل، وإنما المراد سائرُ التصرفات. وإنما ذكر الأكل؛ لأنه أغلبُ وجوه الانتفاع، ﴿وَلَا تَأۡكُلُوٓاْ
([1]) أخرجه: الدارمي رقم (556).