×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

كَمَآ أَحۡسَنَ ٱللَّهُ إِلَيۡكَۖ وَلَا تَبۡغِ ٱلۡفَسَادَ فِي ٱلۡأَرۡضِۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُفۡسِدِينَ[ القصص: 76، 77].

﴿تَفۡرَحۡۖ، أي: فَرَح بطر وأشر وكبرياء، فماذا كان جواب قارون - والعياذ بالله - ؟ ﴿قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُۥ عَلَىٰ عِلۡمٍ عِندِيٓۚ[القصص: 78]، يعني: ليس هذا مِنَ الله، وليس لله فيه فضلٌ عليّ، وإنما أنا الذي حصَّلْتُهُ بخبرتي وبعلمي وقدرتي، فكَفَر نعمة الله عليه، وأضاف هذا المال إلى حوله وقوته وقدرته.

قال: ﴿قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُۥ عَلَىٰ عِلۡمٍ عِندِيٓۚ، يعني: ليس لله فضلٌ ولا منَّة، وليس لله حقوقٌ في هذا المال، ماذا كانت النتيجة؟ كانت النتيجة أن الله خسف به وبداره الأرض، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة؛ ﴿فَخَسَفۡنَا بِهِۦ وَبِدَارِهِ ٱلۡأَرۡضَ فَمَا كَانَ لَهُۥ مِن فِئَةٖ يَنصُرُونَهُۥ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُنتَصِرِينَ [القصص: 81].

هذه عاقبةُ الطغيان، وعاقبة الكبر، وعاقبة كفران النعمة، وعاقبة حبس حقوق الله في الأموال. هذا في مالك أنت، لا تأكل مالك بالباطل، والباطل المراد به: الذاهب الذي لا فائدة فيه، مقابل الحق. لا تأكل مالك بالباطل مِنْ هذه التصرفات الهوجاء غير المتزنة وغير المعقولة.

تصرف في مالك تصرف المؤمن، المؤمن الذي يعلم أن هذا المالَ ابتلاءٌ وامتحان، فيحاول التخلص مِنْ مسؤوليته بأحسن التصرفات، ويشكر الله عز وجل لما أعطاه. هذا هو السعيد في ماله.

قلنا: إن قوله تعالى: ﴿وَلَا تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَكُم بَيۡنَكُم بِٱلۡبَٰطِلِ [البقرة: 188]، يشمل مالك أنت، ويشمل مال غيرك، لا تأكل مال غيرك بالباطل، هل


الشرح