×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

 لها على قاع أرقى ما في الأرض، ثم تساق عليك هذه المواشي مقبلةً مدبرةً تطأك بأظلافها، وتنهشك بأنيابها.

وليس هذا في ساعة أو يوم، هذا في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة وأنت على هذا الوضع، تتردد عليك هذه المواشي مقبلةً مدبرة خمسين ألف سنة، حتى ترى سبيلك: هل إلى الجنة أو إلى النار، هذا جاء في الحديث الصحيح  ([1]).

وفي قوله تعالى: ﴿وَلَا يَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَبۡخَلُونَ بِمَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ هُوَ خَيۡرٗا لَّهُمۖ بَلۡ هُوَ شَرّٞ لَّهُمۡۖ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِۦ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ وَلِلَّهِ مِيرَٰثُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ [آل عمران: 180]، وقد بَيَّنَ النبي صلى الله عليه وسلم هذا التطويق بأنه: إذا وُضِعَ في قبره فإنه يُجَاء بثعبان عظيم أقرعَ، رأسهُ أقرعُ من كثرة السم، فيأخذ بِلِهْزِمتيْ هذا الميت، ويلدغه ويفرغ فيه مِنَ السم مما يتألم به أشد الألم، طوق يطوقون به، يُطوق هذا الثعبانُ، فيلدغه هذا الثعبان ويقول: أنا مالك، أنا كنزك  ([2]).

إذا ذكرتَ المالَ الذي أنت تبخل به في هذه الدنيا، وتحبس حقوق الله جل وعلا فيه، فتذكر قصة قارونَ الذي أعطاه الله مِنَ الكنوز ما إنَّ مفاتِحَه لتنوء بالعصبة أولي القوة، الجماعة تعجِزُ عن حمل المفاتيح - مفاتيح خزائن قارون - لكثرة خزائنه، لما ذكره أهل الخير: ﴿إِنَّ قَٰرُونَ كَانَ مِن قَوۡمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيۡهِمۡۖ وَءَاتَيۡنَٰهُ مِنَ ٱلۡكُنُوزِ مَآ إِنَّ مَفَاتِحَهُۥ لَتَنُوٓأُ بِٱلۡعُصۡبَةِ أُوْلِي ٱلۡقُوَّةِ إِذۡ قَالَ لَهُۥ قَوۡمُهُۥ لَا تَفۡرَحۡۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡفَرِحِينَ ٧٦ وَٱبۡتَغِ فِيمَآ ءَاتَىٰكَ ٱللَّهُ ٱلدَّارَ ٱلۡأٓخِرَةَۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنۡيَاۖ وَأَحۡسِن


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (987).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (1403).