فهذا
يفسَّر قوله عليه الصلاة والسلام: «لاَ تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْا الْهِلاَلَ»،
أي: يراه بعضكم ولو واحدًا؛ فإنه يكفي.
في
الحديث الآخر: أن أعرابيًّا جاء إلى النبي صلى الله عليه
وسلم فأخبره أنه رأى هلال رمضان - الأعرابي، يعني: بدويًّا مِنَ البادية، جاء
فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى هلال رمضان - فقال: «أَتَشْهَدُ أَنَّ
مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟»، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «يَا بِلاَلُ،
أَذِّنْ فِي النَّاسِ أَنْ يَصُومُوا» ([1]).
هذا
واحد، ابن عمر واحد، وهذا الأعرابي واحد، فلما أخبر كلٌّ منهما رسول الله صلى الله
عليه وسلم برؤية الهلال؛ أمر الناس جميعًا أنْ يصوموا. فهذا معنى قوله صلى الله
عليه وسلم: «لاَ تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْا الْهِلاَلَ»، أي: يراه ولو
واحدًا منكم. «وَلاَ تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْه»، «لاَ تُفْطِرُوا»،
أي: مِنْ هلال رمضان حتى تَرَوُا هلال شوال، فعلق رسول الله صلى الله عليه وسلم
الإفطار برؤية الهلال.
هذا
فيه رد على الذين يطلبون - اليوم - بأن يُصَام على حساب الفلك،
نقول: هذا غلط، هذا مخالف لقولِهِ صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَصُومُوا حَتَّى
تَرَوْا الْهِلاَلَ، وَلاَ تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْه»، حساب الفلك لا يُصَام
عليه، وإنما يصام على الهلال؛ لأن حساب الفلك يخطِئ ويصيب، عمل بشر، والهلال ما
فيه خطأ، الهلال واضح.
وصَلِّ اللهم على نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وأصحابه
أجمعين.
والحمد لله ربِّ العالمين.
*****
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (2340)، والترمذي رقم (691)، والنسائي رقم (2113)، والدارمي رقم (1734).
الصفحة 4 / 518