ويوم
الشك هو يوم الثلاثين مِنْ شعبان إذا لم يُرَ الهلالُ لسبب منع رؤيته؛ كالغيم،
والقتر. ويحتمل أنه موجود ولكن حال دونه غيمٌ، أو حال دونه قتر فلم يُرَ، فهذا
اليوم «الثلاثون من شعبان» يحتمل أنه تتمة شعبان، ويحتمل أنه مِنْ رمضان، فهو محل
شك، والشك هو التردد بين أمرين لا مرجح لأحدهما.
في
هذا اليوم الذي يحتمل أنه مِنْ رمضان، ويحتمل أنه مِنْ شعبان - تكملة شعبان - هذا
اليومُ لا ينبغي للإنسان أن يصومَ فيه، فمَنْ صامه فقد عصى الرسولَ صلى الله عليه
وسلم؛ لأنه تقدم رمضان بصيامٍ لم يُؤمر به.
أما
إذا لم يُرَ الهلال ليلة الثلاثين مع صحو الجو وعدم المانع؛ فهذا لا يُصَام
بالإجماع؛ لأنه واضح أنه مِنْ شعبان، إذا كان الجو صافيًا وليس فيه قتر ولا غيم،
وكل الناس لم يروه؛ فهذا دليل على أنه مِنْ شعبان، هذا لا يصام مِنْ باب أولى. وفي
الحديث الآخر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لاَ تَصُومُوا حَتَّى
تَرَوْا الْهِلاَلَ، وَلاَ تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْا الْهِلاَلَ» ([1])،
هذا واضح، هذا مثل الأحاديث السابقة، مُؤَكَّد منه صلى الله عليه وسلم تأكيدًا بعد
تأكيد.
فليس المقصودُ: حتى تروه كلكم، بل إذا رآه واحد مِنَ المسلمين يكفي، إذا كان هذا الواحد ثقةً عدلاً وأخبر أنه رأى الهلال؛ فإنه يكفي رؤيته عن الجميع؛ فيصومون؛ بدليل حديث ابن عمر رضي الله عنهما؛ قال: «تَرَاءَى النَّاسُ الْهِلاَلَ - أي: هلال رمضان، تراءَوْنَهُ يعني: كل واحد نظر إلى الأفق، يتراءَوْن الهلال لعلهم يرَوْنَه - وَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنِّي رَأَيْتُهُ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ بِالصِّيَامِ» ([2]).
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1906)، ومسلم رقم (1080).