×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

مصلحتها، فهو يلزمها بما فيه صلاحها وخيرها ويمنعها مما فيه شرها. فإذا لم يجاهد نفسه فإنه يكون ظالمًا لها؛ لأنه عرضها لسخط الله وعقوبته، وعَرَّضها لما يضرها، فيكون ظالمًا لها؛ لأن الظلمَ وضعُ الشيء في غير موضعه، فهو ظالم لنفسه؛ لأنه وضعها في غير موضعها.

قال تعالى: ﴿وَنَفۡسٖ وَمَا سَوَّىٰهَا ٧ فَأَلۡهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقۡوَىٰهَا ٨ قَدۡ أَفۡلَحَ مَن زَكَّىٰهَا ٩ وَقَدۡ خَابَ مَن دَسَّىٰهَا[الشمس: 7-10]. ﴿زَكَّىٰهَا، يعني: طهرها مِنَ الذنوب والمعاصي، ونماها بالعبادة والخير، هذا قد أفلح. ﴿وَقَدۡ خَابَ مَن دَسَّىٰهَا [الشمس: 10]. مَنْ ضيعها ودساها في التراب، بدل أن يرفعَها بطاعة الله تركها تندس في التراب والهوان والذلة.

فأول ما يجب على المسلم: جهاد نفسه، فمَنْ لمْ يجاهدْ نفسه، مَنْ لم يقدر على جهاد نفسه فإنه يعجِز عن جهاد غيرها مِنْ باب أولى.

فهذا النوع الأول، وهو نوعٌ عظيمٌ، وهو يجب على كل مسلم فرض عين، على كل مسلم أن يجاهد نفسه.

النوع الثاني من أنواع الجهاد: جهاد الشيطان:

شياطين الإنس والجن الذين هم أعداؤك ولا يريدون لك الخير أبدًا، وإنما يريدون لك الشر، فهم يحتاجون إلى جهاد، وذلك بمعصيتهم فيما يأمرونك به؛ لأنهم يأمرونك بالمعاصي، فأنت اعصهم ولا تطعهم، وينهونك عن الطاعات والعبادات، فأنت اعصهم وافعل الطاعات والعبادات.

فجهاد الشيطان يكون بمعصيته فيما يأمر به وفعل ما ينهى عنه؛ لأنه يأمر بالمعصية وينهى عن الطاعة. والمراد بالشيطان هنا: شيطان الجن وهو إبليس وذريتُهُ، وشياطين الإنس ودعاة الضلال ودعاة الكفر ودعاة


الشرح