﴿وَأَنفِقُواْ﴾: الإنفاق في اللغة: الإخراج، إخراج الشيء، يقال
له: إخراج، والنَّفَقُ هو الخروج، ومنه يُقال للميتة: نافقة، بمعنى: خرجت روحها،
نفقت الدابة: إذا خرجت روحها، ويقال للمنافق: منافقٌ؛ لأنه خارج من الإيمان.
فالإنفاق
في اللغة هو: الإخراج، والمراد به هنا: إخراج المال في طاعة
الله عز وجل. فهو يشمل الإنفاق في الجهاد، والإنفاق على النفس والأقارب، ويشمل
الإنفاق على المحتاجين. فبابُ الإنفاق في سبيل الله واسعٌ، لكنَّ أفضله وأَوْلاَه
الإنفاق في الجهاد، وإلا فهو يشمل جميعَ أنواعِ النفقات الشرعية، وكلها تسمى «في
سبيل الله»، يعني: في طاعة الله عز وجل.
ويُفْهَم
مِنْ ذلك: تحريمُ الإنفاق في معصية الله عز وجل، الإنسانُ مسؤول
يوم القيامة عن مالِهِ: مِنْ أين اكتسبه وفيمَ أنفقه؟ فإذا أنفق الإنسانُ مالَه في
المحرمات - في شراء المحرمات واستعمال المحرمات والشهوات المحرمة، أو أنفق ماله في
الرحلات المحرمة في بلاد الكفار، لا لشيءٍ إلا للنزهة هناك والاختلاط بالكفار -
فهذا مِنَ الإنفاق في معصية الله عز وجل، وسيُسْأل عنه العبد يوم القيامة، عَنْ
ماله مِنْ أين اكتسبه وفيمَ أنفقه؟
وكلُّ درهم ينفقه الإنسانُ فهو مسؤول عنه يوم القيامة، كما يُسْأل عن اكتسابه يُسْأَل عن إنفاقه، فهذا المال إنما هو ابتلاءٌ وامتحانٌ؛ ﴿وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَآ أَمۡوَٰلُكُمۡ وَأَوۡلَٰدُكُمۡ فِتۡنَةٞ وَأَنَّ ٱللَّهَ عِندَهُۥٓ أَجۡرٌ عَظِيمٞ﴾ [الأنفال: 28]، أي: ابتلاءٌ وامتحانٌ، لا تحسب أن هذا المال أنك أعطيته ولا تُسْأَل عنه يوم القيامة، سَتُسْأَل عنه يوم القيامة: فإما أن تنجوَ وإما أن تهلك بسببه.