×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

لكن يزيد بالدنيا عمل الآخرة، أن يستعينَ بها على طاعة الله سبحانه وتعالى، ﴿أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ نَصِيبٞ مِّمَّا كَسَبُواْۚ وَٱللَّهُ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ[البقرة: 202]، يحاسب الله الخلائق في وقت واحد، يحاسب الأولين والآخرين على أعمالهم في وقت واحد، وهذا سهل عليه سبحانه وتعالى، لا يعجِزه شيءٌ سبحانه وتعالى.

﴿سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ [البقرة: 202] ما يتأخر مِنْ كثرة الناس أو كثرة الأعمال، هذا سهل على الله عز وجل، يحاسبهم في وقت واحد ولا يعجِزه ذلك سبحانه وتعالى، ولا ينسى شيئًا، ولا يضيع شيئًا مِنْ أعمال العباد.

﴿أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ نَصِيبٞ مِّمَّا كَسَبُواْۚ وَٱللَّهُ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ [البقرة: 202] يحاسب كلا الفريقين: الذين عملوا للدنيا فقط، والذين عملوا للدنيا والآخرة، ويُوَفِّي كلًّا منهما جزاءه، وهذا يسير على الله سبحانه وتعالى. أنت لو قيل لك - ولله المثلُ الأعلى: حاسبْ هؤلاء الموجودين في الحرم الآن. متى تفرغ منهم؟ بعد سنين! الله عز وجل يحاسب الخلائق كلَّهُم مِنْ أولهم إلى آخرهم في وقت واحد، في وقت سريع، لا يتأخر شيءٌ، ولا يُنسى شيءٌ، ولا يضيع شيءٌ.

فعلى المسلم أن يتذكر هذا، يتذكر الحساب، وأن الله سيحاسبه يوم القيامة، مِنَ الناس مَنْ يدخل الجنة بلا حساب ولا عذاب. هذا صنفٌ مِنْ عباد الله عز وجل، ومِنَ الناس مَنْ يحاسب حسابًا يسيرًا، ﴿فَسَوۡفَ يُحَاسَبُ حِسَابٗا يَسِيرٗا ٨ وَيَنقَلِبُ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦ مَسۡرُورٗا [الانشقاق: 8- 9]، ومِنَ الناس - والعياذ بالله - مَنْ يثقل عليه الحساب ويناقش الحساب، كما جاء في الحديث: «مَنْ نُوقِشَ الحِسَابَ عُذِّبَ»  ([1])، يُنَاقش ويحاسب ويُعَذَّب.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (6536).