الجاهلية؛
لأنه يوجد مِنَ الفرق الضالة الآن مَنْ لا يقف مع المسلمين، وإنما يقف بعدهم. وهذا
فعلُ الجاهلية.
الله
عز وجل يقول: ﴿ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنۡ حَيۡثُ أَفَاضَ ٱلنَّاسُ﴾ [البقرة: 199] في المكان وفي الزمان. في المكان وهو:
عرفة. وفي الزمان وهو: اليوم التاسع، ولا ينقسم الحجاج فيقف بعضهم في مكانٍ، ويقف
البعض الآخر في مكانٍ آخرَ، أو يقف بعضهم في يوم ويقف البعض الآخر في يوم آخر. هذا
فعل الجاهلية الذي أبطله اللهُ عز وجل وأمر المسلمين بتركه. هذا هو القولُ المشهور
في معنى الآية.
وهناك
قولٌ آخرُ: أن المراد: الإفاضة مِنْ مزدلفة ليلة العاشر، ﴿ثُمَّ أَفِيضُواْ﴾، أي: مِنْ مزدلفة، ﴿مِنۡ حَيۡثُ أَفَاضَ ٱلنَّاسُ﴾
[البقرة: 199] فأولاً: يقفون بعرفة، ثم يفيضون منها. وهذا مذكورٌ في قوله تعالى: ﴿فَإِذَآ أَفَضۡتُم مِّنۡ عَرَفَٰتٖ﴾ [البقرة: 198]، ثم ينزلون
في المزدلفة ويبيتون فيها، ثم يفيضون منها إلى منًى.
فعند
هؤلاء أن الإفاضة المذكورة في الآية هي الإفاضة مِنْ مزدلفة؛ لأن الله ذكر
إفاضتين: الإفاضة الأولى في قوله: ﴿فَإِذَآ أَفَضۡتُم مِّنۡ عَرَفَٰتٖ﴾، والإفاضة الثانية في قوله:
﴿ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنۡ
حَيۡثُ أَفَاضَ ٱلنَّاسُ﴾
[البقرة: 199]، أي: مِنْ مزدلفة. وهذا المعنى قريب، لا شك أنَّه قريب ولا تنافي
بين الأقوال. فالإفاضة تكون مِنْ عرفة إلى مزدلفة، وتكون مِنْ مزدلفة إلى منًى، لا
شكَّ في ذلك.
﴿ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنۡ حَيۡثُ أَفَاضَ ٱلنَّاسُ وَٱسۡتَغۡفِرُواْ
ٱللَّهَۚ﴾ [البقرة: 199]، أي: اطلبوا
منه المغفرة.
والمغفرة في اللغة: مأخوذة مِنَ الغَفْر، وهو الستر، ومنه المِغْفَر