نزلت
على موسى، والإنجيل الذي نزل على عيسى - عليهما الصلاة والسلام -.
الحاصل:
أن هذه أسبابُ الرحمة، ومَنْ يُرِدِ الرحمة فَلْيَعْمَلِ الأسباب التي تسبب له
الرحمة. وأما الذي يعمل الأسباب التي تغضب الله عز وجل؛ فإنها تسبِّب له الغضب
والسخط مِنَ الله عز وجل. فالأمور لها أسبابٌ، المغفرة لها أسباب، والرحمة لها
أسباب.
فعلى
المسلم أن يعملَ الأسباب ولا يتمنى على الله الأماني أو
يعتمد على الرجاء، ولكن عليه أن يرجوَ الله ويعملَ الأسباب التي شرعها الله سبحانه
وتعالى.
ثم
قال عز وجل: ﴿فَإِذَا قَضَيۡتُم مَّنَٰسِكَكُمۡ﴾
[البقرة: 200] ﴿قَضَيْتُمْ﴾، يعني: فرغتم مِنْ أداء المناسك؛ فالقضاء يطلق ويُرَاد
به الفراغ، مثلُ قولِهِ تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيۡتُمُ ٱلصَّلَوٰةَ﴾
[النساء: 103]، أي: فرغتم منها. ﴿فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ قِيَٰمٗا وَقُعُودٗا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمۡۚ﴾
[النساء: 103]، وهنا يقول: ﴿فَإِذَا قَضَيۡتُم مَّنَٰسِكَكُمۡ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ﴾ [البقرة: 200] بجميع أنواع الذكر مِنَ التسبيح والتهليل
والتكبير، وغير ذلك مِنْ أنواع الذكر والدعاء، كلُّه ذكرٌ لله سبحانه وتعالى.
﴿فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَذِكۡرِكُمۡ ءَابَآءَكُمۡ﴾ [البقرة: 200] هذا فيه معنيان عند المفسرين:
المعنى الأول: ﴿كَذِكۡرِكُمۡ ءَابَآءَكُمۡ﴾ أنهم كانوا في الجاهلية إذا فرغوا مِنَ الحج يقفون، وكلٌّ يذكر مفاخر آبائه وأجداده وقبيلته، يقفون بعد الفراغ مِنَ الحج يتفاخرون بأعمالهم وأعمال آبائهم وأجدادهم، كلٌّ يذكر آباءه وأفعالَهم أنهم يكرمون الضيف، وأنهم ينحرون الإبل، وأنهم... وأنهم...