×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

يجعلون موسم الحج وَقْتًا لذكر آبائهم وأجدادهم ومفاخرهم. كل قبيلة تذكر مِنْ مفاخرها ومفاخر أهلها وأجدادها. فالله عز وجل يقول: اذكروا الله ولا تذكروا مفاخركم وأفعالكم وتتمدحون بها، اذكروا الله عز وجل؛ لأن الحجَّ عبادة لله وليس هو موضعًا للتفاخر والمباهاة، أو ذكر القادة والملوك والرؤساء. هذه جاهلية.

الحج عبادة ليس محلًّا للتفاخر والتمادح؛ لأنهم يغتنمون الموسم واجتماع الناس، وكلٌّ يظهر أفعاله وأفعال آبائه ويباهي الآخرين. الله أبطل هذا وأمر بذكره سبحانه وتعالى ﴿كَذِكۡرِكُمۡ ءَابَآءَكُمۡ أَوۡ أَشَدَّ ذِكۡرٗاۗ[البقرة: 200]؛ لأن الله هو المستحق أن يُذكر فلا يُنسى، وأن يُشكر فلا يُكفر سبحانه وتعالى.

فالواجب: أن يُذكر الله بعد أداء المناسك، وتُذكر نعمُهُ وأفضالُه وخيرُهُ سبحانه على عباده. هذا الذي يجب أن يُذكر.

والقول الثاني: ﴿فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَذِكۡرِكُمۡ ءَابَآءَكُمۡ [البقرة: 200]، أي: كما يذكر الأطفال الصغار آباءهم؛ لأن الطفل الصغير إذا أصابه شيءٌ يقول: يا أبي، يا أمي. ينادي أمَّه أو ينادي أباه، يستغيث بهم ويستنجد بهم: يا بابا، يا ماما. هذا شيءٌ معروفٌ في الصغار، فطرة عندهم إذا مسَّهم شيءٌ يكرهونه يقولون: يا بابا، يا ماما ويبكي، الله عز وجل يقول: استنجدوا بالله عز وجل؛ لأنكم أضعفُ مِنَ الأطفال الصغار، أنتم بحاجة إلى اللهِ سبحانه وتعالى أحوج مِنَ الأطفال إلى آبائهم ﴿كَذِكۡرِكُمۡ ءَابَآءَكُمۡ أَوۡ أَشَدَّ ذِكۡرٗاۗ[البقرة: 200].

ثم قال عز وجل ﴿فَمِنَ ٱلنَّاسِ [البقرة: 200]، أي: بعض الناس، ﴿مَن يَقُولُ رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِي ٱلدُّنۡيَا [البقرة: 200] كانوا إذا فرغوا مِنَ الحج يقفون


الشرح