ويدعون، لكن يدعون لأمور
الدنيا: اللهم اجعله عام خَصْب وخير. ويدعون الله في أمور الدنيا ولا يذكرون
الآخرة؛ لأنهم لا يؤمنون بالبعث ولا بالحساب، وإنما يتقربون إلى الله بالحج
والعمرة؛ مِنْ أجل أن يعطيهم في الدنيا، ﴿رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِي ٱلدُّنۡيَا﴾
[البقرة: 200] آتنا مِنَ الأرزاق، مِنَ الأمطار، مِنَ النعم في الدنيا، ولا يذكرون
الآخرة، هذا صنفٌ مِنَ الناس، وهم الكفرة الذين لا يُؤْمنون بالبعث والنشور ولا
بالحساب.
﴿رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِي ٱلدُّنۡيَا وَمَا لَهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنۡ
خَلَٰقٖ﴾ [البقرة: 200]، يعني: مِنْ
نصيب، ما يذكر الآخرة ولا تأتي له على بالٍ، وإنما يحج ويتقرب إلى الله ويتصدق؛
مِنْ أجل أن يُعجل له الثواب في الدنيا. هذا صنفٌ مِنَ الناس يريدون الحياة الدنيا
بأعمالهم وطاعاتهم. وهذه نظرة قاصرة ونظرة سيئة لا تليق بالعباد الذين يعبدون الله
عز وجل في الحج وفي غيره.
﴿وَمِنۡهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَآ﴾
[البقرة: 201] هذا الصنف الثاني، وهم: المؤمنون يقولون: ﴿رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِي ٱلدُّنۡيَا حَسَنَةٗ وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِ حَسَنَةٗ﴾ [البقرة: 201]، يطلبون مِنَ الله خيريِ الدنيا والآخرة.
هذا هو الصحيح: أن تطلبَ مِنَ الله خيريِ الدنيا والآخرة، لا تقتصر على طلب الآخرة
فقط، ولا تقتصر على طلب الدنيا فقط، ولكنك تسأل الله الدنيا والآخرة.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر مِنْ هذا الدعاءِ: «رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ» ([1])، كان عليه الصلاة والسلام يكثر مِنْ ذلك؛ لأنه دعاءٌ جامع لخيريِ الدنيا والآخرة.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (6389)، ومسلم رقم (2690).