×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

﴿وَمِنۡهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَآ ءَاتِنَا [البقرة: 201]، أي: أعطنا، ﴿فِي ٱلدُّنۡيَا حَسَنَةٗ [البقرة: 201] وهذا يشمل جميع ما في الدنيا مِنْ خيرات: مِنْ زوجة، ومِن رزق، ومن أولاد، ومن مطر، ومن كلِّ خير، خيرات الدنيا كثيرة، تسأل الله مِنْ خيرات الدنيا؛ لتستعين بها على طاعة الله سبحانه وتعالى. ليس هناك أحدٌ يستغني عن الدنيا، الدنيا مزرعة الآخرة، والدنيا عون للآخرة، وما خلقه الله في الدنيا فإنه لمنافع العباد؛ لأجل أن يستعينُوا به على طاعة الله عز وجل.

﴿وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِ حَسَنَةٗ [البقرة: 201] حسنة الآخرة هي: الجنة وما فيها مِنَ النعيم، وما فيها مِنَ السرور، وما فيها مِنَ الخلود، فيها ما لا عينٌ رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، يسألون الله الآخرة وما فيها مِنَ العاقبة الحسنة والنعيم المقيم. هكذا يكون المسلم، يدعو الله لدنياه ويدعو الله لآخرته.

﴿وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ [البقرة: 201] الآخرة فيها نار، الآخرة فيها جنة وفيها نار، فهم يسألون الله الجنة ويعوذون به مِنَ النار. هذه صفة المؤمنين، لا سيما بعد أداء العبادات؛ كالحج وغيره، والمؤمن يريد بعمله صلاحَ دينه ودنياه. أما الكافر فإنه إذا عبد الله وتقرب إلى الله فإنما يريد نفع الدنيا فقط؛ لأنه لا يؤمنُ بالآخرة.

ثم قال عز وجل: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ نَصِيبٞ [البقرة: 202] ﴿أُوْلَٰٓئِكَ، يعني: الذين يقولون: ﴿رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِي ٱلدُّنۡيَا حَسَنَةٗ [البقرة: 201]. والذين يقولون: ﴿رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِي ٱلدُّنۡيَا حَسَنَةٗ وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِ حَسَنَةٗ [البقرة: 201]. كلٌّ له نصيب، الله يجيب دعاءهم، فيجيب دعاء الكافر ويعجِّل له جزاءه في الدنيا؛ لأن الله عز وجل قريبٌ مجيب، فهو يجيب الدعاء،


الشرح